نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 308
واختلفوا في
الذرّة ، فقال ابن عباس : هي النملة الحميراء الصغيرة ، لا تكاد تبين في رأي
العين. وقال يزيد بن هارون : وزعموا أنّ الذرة ليس لها وزن ، ويحكى أنّ رجلا وضع
خبزا حتى علاه الذرّة يستره ، فلم يزد على وزن الخبز شيئا. ودليل هذا التأويل ما
روى بشير بن عمرو عن عبد الله أنّه قرأ : (إنّ الله لا يظلم مثقال نملة).
يزيد بن الأصم
عن ابن عباس في قوله عزوجل : (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) ، قال : أدخل ابن عباس يده في إناء ثم رفعها ، ثم نفخ
فيها ، ثم قال : كلّ واحدة من هؤلاء ذرّة ، وقال بعضهم : أجزاء الهباء في الكوّة
كلّ جزء منها ذرّة. وقيل : هي الخردلة.
وفي الجملة هي
عبارة عن أقلّ الأشياء وأصغرها ، روى أنس أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق
في الدنيا ويجزى بها في الآخرة ، وأمّا الكافر ، فيطعم بها في الدنيا ، فإذا كان
يوم القيامة ، لم يكن له حسنة» [١] [٣١٨].
قتادة : كان
بعض أهل العلم يقول : لئن يفضل حسناتي على سيئاتي وزن ذرّة أحبّ إليّ من أن يكون
لي الدنيا جميعا.
عطاء بن يسار
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا خلص المؤمنون من النار يوم القيامة ، وأمنوا فما
مجادلة أحدكم صاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشدّ من مجادلة المؤمنين لربّهم في
إخوانهم الذين أدخلوا النار» ، قال : «يقولون : ربّنا إخواننا كانوا يصلّون معنا ،
ويصومون معنا ، ويحجّون معنا ، فأدخلتهم النار؟ فيقول الله عزوجل : اذهبوا وأخرجوا من عرفتم ، فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم
، لا تأكل النار صورهم ، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من أخذته إلى
كعبه ، فيخرجونهم فيقولون : ربّنا أخرجنا من أمرتنا ، ثم يقول تعالى : أخرجوا من
كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ، ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار ، حتى يقول :
من كان في قلبه مثقال ذرّة» [٢] [٣١٩].
وقال أبو سعيد
: فمن لم يصدق بهذا فليقرأ هذه الآية (إِنَّ اللهَ لا
يَظْلِمُ ...).
قال : «فيقولون
: ربّنا قد أخرجنا من أمرتنا ، فلم يبق في النار أحد فيه خير». قال : «ثم يقول
الله عزوجل : شفعت الملائكة ، وشفعت الأنبياء ، وشفعت المؤمنون [٣] ، وبقي أرحم
الراحمين» ، قال : «فيقبض قبضة من النار. أو قال : «قبضتين». ممن لم يعملوا له عزوجل خيرا قط ، قد احترقوا حتى صاروا حمما ، قال : فيؤتى بهم
إلى ماء يقال له ماء الحياة فيصبّ عليهم