نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 307
ويخالطونهم وينصحونهم ، فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم ؛ فإنّا نخشى عليكم
الفقر ، ولا ندري ما يكون ، فأنزل الله عزوجل(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) إلى قوله : (مِنْ فَضْلِهِ) يعني المال.
وقال يمان :
يعني يبخلون بالصدقة. الفضل بن فضالة ، عن أبي رجاء قال : خرج علينا عمران بن حصين
في مطرف من خزّ لم نره عليه قبل ولا بعد ، فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله عزوجل إذا أنعم على عبد نعمة ، أحبّ أن يرى أثر نعمته عليه» [١] [٣١٧].
(وَأَعْتَدْنا
لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً. وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ) إلى الأخير ، محل الذين نصب عطفا على قوله : (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) ، وإن شئت جعلته في موضع الخفض عطفا على قوله : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) نزلت في اليهود ، وقال السدي : في المنافقين ، وقيل :
في مشركي مكة المتفقين على عداوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(وَمَنْ يَكُنِ
الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً) صاحبا وخليلا ، وهو فعيل من الاقتران ، قال عدي بن زيد
:
(فَساءَ
قَرِيناً) فبئس الشيطان قرينا ، وقد نصب على التمييز ، وقيل : على
الحال ، وقيل : على القطع بإلقاء الألف واللام منه ، كما نقول : نعم رجلا ، عبد
الله ، تقديره : نعم الرجل عبد الله ، فلمّا حذف الألف واللام نصب ، كقوله (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)[٣] ، و (ساءَ مَثَلاً)[٤] ، و (ساءَتْ مُرْتَفَقاً)[٥] ، و (ساءَتْ مُسْتَقَرًّا)[٦] ، و (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)[٧] ، و (كَبُرَ مَقْتاً)[٨] ، قال المفسرون : (فَساءَ قَرِيناً) أي يقول : (يا لَيْتَ بَيْنِي
وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)[٩].
(وَما ذا عَلَيْهِمْ) وما الذي عليهم (لَوْ آمَنُوا بِاللهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ
عَلِيماً. إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) إلى آخر الآية ، (وَما ذا عَلَيْهِمْ
لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ
اللهُ)؟ فإنّ الله لا يظلم ـ أي لا يبخس ـ ولا ينقص أحدا من
خلقه من ثواب عمله شيئا مثقال ذرّة مثلا ، بل يجازيه بها ويثيبه عليها وهذا مثل
يقول : (إِنَّ اللهَ لا
يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) ، فكيف بأكثر منها؟ والمراد من الكلام : لا يظلم قليلا
، لأن الظلم مثقال ذرّة لا ينتفع به الظالم ، ولا يبين ضرره في المظلوم. وقيل : [...]
[١٠] ، ودليله من التأويل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا
يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً)[١١] في الدنيا.
[١] المعجم الكبير :
١٨ / ١٣٥. (٢) تفسير الطبري : ٥ / ١٢٣.