نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 14
، وانّهم يشاركون للفقراء المهاجرين والأنصار في الفيء و (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا) من جملة (الَّذِينَ جاؤُ مِنْ
بَعْدِهِمْ). فمعنى الآية (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ
بَعْدِهِمْ) وهم مع استحقاقهم الفيء (يَقُولُونَ رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنا)[١] أي قائلين على الحال. فكذلك هاهنا في (يَقُولُونَ رَبَّنا) أي و (يَقُولُونَ آمَنَّا
بِهِ).
ومما يؤيد هذا
القول أنّ الله تعالى لم ينزل كتابه إلّا لينتفع له مبارك ، ويدل عليه على المعنى
الذي اراده فقال : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ
إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ)[٢] ، وقال : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ
مُبِينٍ)[٣].
والمبين الظاهر
، وقال : (بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ)[٤]. فوصف جميعه بالتفصيل والتبيين وقال : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)[٥].
ولا يجوز أن
تبيّن ما لا يعلم ، وإذا جاز أن يعرفه الرسول صلىاللهعليهوسلم مع قوله لا يعلمه إلّا الله ، جاز أن يعرفه الربانيون
من أصحابه.
وقال : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ)[٦] ولا تؤمر باتّباع ما لا يعلم ؛ ولأنّه لو لم يكن
للراسخين في العلم هذا لم يكن لهم على المعلمين والجهال فضل ؛ لأنهم ايضا (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ
رَبِّنا) : ولأنّا لم نر من المفسرين على هذه الغاية [قوما]
يوفقوا عن شيء من تفسير القرآن وقالوا : هذا متشابه لا يعلمه إلّا الله ، بل أعزوه
كله وفسروه حتى حروف التهجي وغيرها.
وكان ابن عباس
يقول : في هذه الآية : أنا من الراسخين في العلم.
وقرأ مجاهد هذه
الآية وقال : أنا ممّن يعلم تأويله.
وروى سماك عن
عكرمة عن ابن عباس قال : كل القرآن أعلم ولا أعلم أربعة : (غِسْلِينٍ) ، و (حَناناً) ، والأوّاه ، والترقيم. وهذا إنّما قال ابن عباس في وقت
ثم علمها بعد ذلك وفسّرها.
وقال آخرون :
الواو في قوله (وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ) واو الاستئناف وتم الكلام ، وانقطع عند قوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ). ثم ابتدأ وقال : (وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌ