نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 3 صفحه : 15
مِنْ
عِنْدِ رَبِّنا... وَالرَّاسِخُونَ) أبتداء وخبره في (يَقُولُونَ) ، وهذا قول عائشة وعروة بن الزبير ، ورواية طاوس عن ابن
عباس ، واختيار الكسائي والفراء والمفضّل بن سلمة ومحمد بن جرير قالوا : إنّ
الراسخين لا يعلمون تأويله ، ولكنهم يؤمنون به. والآية راجعة على هذا التأويل الى
العلم بما في أجل هذه الأمة ووقت قيام الساعة ، وفناء الدنيا ، ووقت طلوع الشمس من
مغربها ، ونزول عيسى عليهالسلام ، وخروج الدجال ، ويأجوج ومأجوج ، وعلم الروح ونحوها
مما استأثر الله لعلمه ولم يطلع عليه أحد من خلقه.
وقال بعضهم : [اعلم
أنّ المتشابه من الكتاب قد] [١] أستأثر الله بعلمه دوننا ، ونفسّره نحن ، ولم نتعبد
بذلك. بل ألزمنا العمل بأوامره واجتناب نواهيه ، ومما يصدّق هذا القول قراءة عبد [٢] الله أنّ
تأويله لا يعلم إلّا عند الله ، والراسخون في العلم يقولون آمنا به.
ودليله أيضا ما
روي عن عمر بن عبد العزيز ، إنّه قرأ هذه الآية ثم قال : انتهى علم الراسخين في
العلم بتأويل القرآن الى أن قالوا : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ
مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)[٤].
وقال أبو نهيك
الأسدي : إنّكم تصلون هذه الآية وإنّها مقطوعة وهذا القول أقيس العربيّة وأشبه
مظاهر الآية والقصة والله أعلم.
و (الرَّاسِخُونَ) : الداخلون في العلم الذين أتقنوا علمهم ، واستنبطوه
فلا يدخلهم في معرفتهم شك ، وأصله من رسوخ الشيء في الشيء وهو ثبوته وأوجب فيه
يقال : (رسخ الإيمان في القلب فلان) فهو يرسخ رسخا ورسوخا وكذلك في كل شيء ورسخ
رصخ ، وهذا كما يقال : مسلوخ ومصلوخ قال الشاعر :