responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 220
الْحَالَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَتَّخِذَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدًا مِنَ الْكَافِرِينَ بِعَيْنِهِ وَلِيًّا لَهُ، فِي حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ أَوْ لِقَرَابَةٍ، لِكَمَالٍ فِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ إِضْرَارٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْأَبَوَيْنِ: وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً [لُقْمَان: 15]
وَاسْتَأْذَنَتْ أَسْمَاءُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرِّ وَالِدَتِهَا وَصِلَتِهَا، وَهِيَ كَافِرَةٌ، فَقَالَ لَهَا: «صِلِي أُمَّكِ»
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتجنة: 8] قِيلَ نَزَلَتْ فِي وَالِدَةِ أَسْمَاءَ، وَقِيلَ فِي طَوَائِفَ مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ: وَهُمْ كِنَانَةُ، وَخُزَاعَةُ، وَمُزَيْنَة، وَبَنُو الْحَرْث ابْن كَعْبٍ، كَانُوا يَوَدُّونَ انْتِصَارَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ. وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ تَعْزِيَةُ الْكَافِرِ بِمَنْ يَمُوتُ لَهُ.
وَكَانَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَاحُ لِلْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ الثَّقَفِيِّ، لِمَا يُبْدِيهِ مِنْ مَحَبَّةِ النَّبِيءِ، وَالتَّرَدُّدِ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَفَعَهُمْ يَوْمَ الطَّائِفِ إِذْ صَرَفَ بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ فَارِسٍ، عَنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَخَنَسَ بِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الْآيَةَ.
الْحَالَةُ السَّابِعَةُ: حَالَةُ الْمُعَامَلَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ: كَالتِّجَارَاتِ، وَالْعُهُودِ، وَالْمُصَالَحَاتِ، أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَتَفَاصِيلُهَا فِي الْفِقْهِ.
الْحَالَةُ الثَّامِنَةُ: حَالَةُ إِظْهَارِ الْمُوَالَاةِ لَهُمْ لِاتِّقَاءِ الضُّرِّ وَهَذِهِ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً.
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مُنْقَطع ناشىء عَنْ جُمْلَةِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ الِاتِّقَاءَ لَيْسَ مِمَّا تَضَمَّنَهُ اسْمُ الْإِشَارَةِ، ولكنّه أَشْبَهَ الْوَلَايَةَ فِي الْمُعَامَلَةِ.
وَالِاتِّقَاءُ: تَجَنُّبُ الْمَكْرُوهِ، وَتَعْدِيَتُهُ بِحَرْفِ (مِنْ) إِمَّا لِأَنَّ الِاتِّقَاءَ تستّر فعديّ بِمن كَمَا
يُعَدَّى فِعْلُ تَسَتَّرَ، وَإِمَّا لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى تَخَافُوا.
وتُقاةً قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ: بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا أَلِفٌ، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرِ الِاتِّقَاءِ، وَأَصْلُهُ وُقْيَةٌ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْكَلِمَةِ تَبَعًا لِفِعْلِ اتَّقَى إِذْ قُلِبَتْ وَاوُهُ تَاءً لِيَتَأَتَّى إِدْغَامُهَا فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ، ثُمَّ أَتْبَعُوا ذَلِكَ بِاسْمِ مَصْدَرِهِ كَالتُّجَاةِ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست