responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
   ««اول    «قبلی
   جلد :
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 308
وَقَدْ يُحْذَفُ السُّؤَالُ وَيَبْقَى الْجَوَابُ كَقَوْلِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
لَا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ ... أُذْنِبْ وَإِنْ كَثُرَتْ فِيَّ الْأَقَاوِيلُ
وَقَدْ يُذْكَرُ السُّؤَالُ وَلَا يُذْكَرُ الْجَوَابُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ [الزمر: 43] فَلَوْ ذُكِرَ الْجَوَابُ مِنْ قِبَلِ الْمُشْرِكِينَ لَأَجَابُوا بِتَقْرِيرِ ذَلِكَ.
فَقَوْلُهُ: وَلَوِ افْتَدى بِهِ جَوَابُ سُؤَالِ مُتَعَجِّبٍ مِنَ الْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَوِ افْتَدَى بِهِ فَأُجِيبَ بِتَقْرِيرِ ذَلِكَ عَلَى حَدِّ بَيْتِ كَعْبٍ. فَمُفَادُ هَذَا الشَّرْطِ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّأْكِيدِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ عَطْفًا عَلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ افْتَدَى: أَيْ لَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا يَجْعَلُهُ رَهِينَةً. وَلَوْ بَذَلَهُ فِدْيَةً، لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِحَقٍّ قَدْ يُعْطِي فِيهِ رَهْنًا إِلَى أَنْ يَقَعَ الصُّلْحُ أَوِ الْعَفْوُ، وَكَذَلِكَ فِي الدُّيُونِ، وَكَانُوا إِذَا تَعَاهَدُوا عَلَى صُلْحٍ أَعْطَتِ الْقَبَائِلُ رَهَائِنَ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ الْحَارِثُ:
وَاذْكُرُوا حِلْفَ ذِي الْمَجَازِ وَمَا قُدِّ ... مَ فِيهِ الْعُهُودُ وَالْكُفَلَاءُ

وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: «نَرْهَنُكَ السِّلَاحَ وَاللَّامَةَ» .
وَجُمْلَةُ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فَذْلَكَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ [آل عمرَان: 90] الْآيَتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ تَكْمِيلٌ لِنَفْيِ أَحْوَالِ الْغَنَاءِ عَنْهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِشَيْءٍ قَدْ يُعْطِي فِدْيَةً مِنْ مَالٍ، وَقَدْ يَكْفُلُهُ مَنْ يُوثَقُ بِكَفَالَتِهِمْ، أَوْ يَشْفَعُ لَهُ مَنْ هُوَ مَسْمُوعُ الْكَلِمَةِ، وَكُلٌّ مِنَ الْكَفِيلِ وَالشَّفِيع نَاصِر.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
   ««اول    «قبلی
   جلد :
فرمت PDF شناسنامه فهرست