responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 102
وَالطَّبَرِيِّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ. وَقِيلَ: إِنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وُجُوبًا عَيْنِيًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَوْضِعِ إِلَّا كَاتِبٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى دِيَانَتِهِمْ لأنّهم إِذا تمالؤوا عَلَى الِامْتِنَاعِ أَثِمُوا جَمِيعًا، وَلَوْ قِيلَ: إِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ عَلَى مَنْ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَانِ الْمُتَدَايِنَيْنِ، وَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ طَالِبِ التَّوَثُّقِ أَحَدَهُمْ لَكَانَ وَجِيهًا، وَالْأَحَقُّ بِطَلَبِ التَّوَثُّقِ هُوَ الْمُسْتَقْرِضُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا.
وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْكَاتِبِ فِي حَالِ فَرَاغِهِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ، وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ
لِأَنَّ الْحُضُورَ لِلْكِتَابَةِ بَيْنَ الْمُتَدَايِنَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْإِضْرَارِ إِلَّا فِي أَحْوَالٍ نَادِرَةٍ كَبُعْدِ مَكَانِ الْمُتَدَايِنَيْنِ مِنْ مَكَانِ الْكَاتِبِ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى- بَعْدَ هَذَا- فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ [الْبَقَرَة: 283] وَسَيَأْتِي لَنَا إِبْطَالُ ذَلِكَ.
وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يُخْتَلَفُ فِي جَوَازِ الْأَجْرِ عَلَى الْكِتَابَةِ بَيْنَ الْمُتَدَايِنَيْنِ، لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَالْأَجْرُ جَائِزٌ.
وَيُلْحَقُ بِالتَّدَايُنِ جَمِيعُ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا التَّوَثُّقُ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ.
وَقَوْلُهُ: كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ أَيْ كِتَابَةً تُشَابِهُ الَّذِي عَلَّمَهُ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْمُشَابَهَةِ الْمُطَابقَة لَا المقاربة، فَهِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ [الْبَقَرَة: 137] ، فَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ. وَ (مَا) مَوْصُولَةٌ.
وَمَعْنَى مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَكْتُبُ مَا يَعْتَقِدُهُ وَلَا يُجْحِفُ أَوْ يُوَارِبُ، لِأَنَّ اللَّهَ مَا عَلَّمَ إِلَّا الْحَقَّ وَهُوَ الْمُسْتَقِرُّ فِي فِطْرَةِ الْإِنْسَانِ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ النَّاسُ عَنْهُ بِالْهَوَى فَيُبَدِّلُونَ وَيُغَيِّرُونَ وَلَيْسَ ذَلِكَ التَّبْدِيلُ بِالَّذِي عَلَّمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا يُشِير إِلَيْهِ
قَوْله النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ»
. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ لِمُقَابَلَةِ الشَّيْءِ بِمُكَافِئِهِ وَالْعِوَضِ بِمُعَوِّضِهِ، أَيْ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابَةً تُكَافِئُ تَعْلِيمَ اللَّهِ إِيَّاهُ الْكِتَابَةَ، بِأَنْ يَنْفَعَ النَّاسَ بِهَا شُكْرًا عَلَى تَيْسِيرِ اللَّهِ لَهُ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست