responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 53
الْمَصْدَرَ قَدْ يُجْمَعُ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الصَّادِرِ مِنْهُ، أَوْ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ أَنْوَاعِهِ، وَكَذَلِكَ تَعَدُّدُ أَمْكِنَةِ الْفَوْزِ بِتَعَدُّدِ الطَّوَائِفِ، وَعَلَى هَذَا فَإِضَافَةُ الْمَفَازَةِ إِلَى ضَمِيرِ الَّذِينَ اتَّقَوْا لِتَعْرِيفِهَا بِهِمْ، أَيِ الْمَفَازَةُ الَّتِي عَلِمْتُمْ أَنَّهَا لَهُمْ وَهِيَ الْجَنَّةُ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتٍ وَأَخْبَارٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَأَعْناباً وَكَواعِبَ أَتْراباً [النبأ: 31، 33] .
وَجُمْلَةُ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لِأَنَّ نَفْيَ مَسِّ السُّوءِ هُوَ إِنْجَاؤُهُمْ وَنَفْيُ الْحُزْنِ عَنْهُمْ نَفْيٌ لِأَثَرِ الْمَسِّ السُّوءَ.
وَجِيءَ فِي جَانِبِ نَفْيِ السُّوءِ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِنَفْيِ حَالَةِ أَهْلِ النَّارِ عَنْهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ فِي مَسٍّ مِنَ السُّوءِ مُتَجَدِّدٌ. وَجِيءَ فِي نَفْيِ الْحُزْنِ عَنْهُمْ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِأَنَّ أَهْلَ النَّارِ أَيْضًا فِي حَزْنٍ وَغَمٍّ ثَابِتٍ لَازِمٍ لَهُمْ.
وَمِنْ لَطِيفِ التَّعْبِيرِ هَذَا التَّفَنُّنُ، فَإِنَّ شَأْنَ الْأَسْوَاءِ الْجَسَدِيَّةِ تَجَدُّدُ آلَامِهَا وَشَأْنُ الْأَكْدَارِ الْقَلْبِيَّةِ دَوَامُ الإحساس بهَا.
[62- 63]

[سُورَة الزمر (39) : الْآيَات 62 إِلَى 63]
اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (63)
هَذَا اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ [الزمر: 64] فِي ذِكْرِ تَمَسُّكِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ بِالتَّوْحِيدِ وَنَبْذِ الشِّرْكِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَالتَّصَلُّبِ فِي مُقَاوَمَتِهِ وَالتَّصْمِيمِ عَلَى قَطْعِ دَابِرِهِ، وَجُعِلَتِ الْجُمَلُ الثَّلَاثُ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى قَوْلِهِ: السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مُقْدِمَاتٍ تُؤَيِّدُ مَا يَجِيءُ بَعْدَهَا من قَوْله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ [الزمر: 64] .
وَقَدِ اشْتَمَلَ هَذَا الِاسْتِئْنَافُ وَمَعْطُوفَاتُهُ عَلَى ثَلَاثِ جُمَلٍ وَجُمْلَةٍ رَابِعَةٍ:
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست