responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 5
[32]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(سُورَةُ الزُّمَرِ) \

[سُورَة الزمر (39) : آيَة 32]
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (32)
أَفَادَتِ الْفَاءُ تَفْرِيعَ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا تَفْرِيعَ الْقَضَاءِ عَنِ الْخُصُومَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ:
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر: 31] إِذْ قد عَلِمْتَ أَنَّ الِاخْتِصَامَ كُنِّيَ بِهِ عَنِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ فِيمَا خَالَفُوا فِيهِ وَأَنْكَرُوهُ، وَالْمَعْنَى: يَقْضِي بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَكُونُ
الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ إِذْ هُوَ الَّذِي لَا أَظْلَمَ مِنْهُ، أَيْ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ إِذْ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ بِنِسْبَةِ الشُّرَكَاءِ إِلَيْهِ وَالْبَنَاتِ، وَكَذَّبُوا بِالصِّدْقِ وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَمَا صدق مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ الْفَرِيقُ الَّذِينَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: 30] وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [الزمر: 24] .
وَقَدْ كُنِّيَ عَنْ كَوْنِهِمْ مَدِينِينَ بِتَحْقِيقِ أَنَّهُمْ أَظْلَمُ لِأَنَّ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ لَا يُقَرَّ الظَّالِمُ عَلَى ظُلْمِهِ فَإِذَا وُصِفَ الْخَصْمُ بِأَنَّهُ ظَالِمٌ عُلِمَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَن دَاوُد:
قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ [ص: 24] . وَقَدْ عُدِلَ عَنْ صَوْغِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ إِلَى صَوْغِهِ فِي صُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ السَّامِعَ لَا يَسَعُهُ إِلَّا الْجَوَابُ بِأَنَّهُمْ أَظْلَمُ.
فَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ مَجَازًا مُرْسَلًا أَوْ كِنَايَةً مُرَادٌ بِهِ أَنَّهُمْ أَظْلَمُ الظَّالِمِينَ وَأَنَّهُ لَا ظَالِمَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ، فَآلَ مَعْنَاهُ إِلَى نَفْيِ أَنْ يَكُونَ فَرِيقٌ أَظْلَمَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ أَتَوْا أَصْنَافًا مِنَ
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 5
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست