responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 6
الظُّلْمِ الْعَظِيمِ: ظُلْمِ الِاعْتِدَاءِ عَلَى حُرْمَةِ الرَّبِّ بِالْكَذِبِ فِي صِفَاتِهِ إِذْ زَعَمُوا أَنَّ لَهُ شُرَكَاءَ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْكَذِبِ عَلَيْهِ بِادِّعَاءِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ، وَظُلْمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَكْذِيبِهِ، وَظُلْمِ الْقُرْآنِ بِنِسْبَتِهِ إِلَى الْبَاطِلِ، وَظُلْمِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَذَى، وَظُلْمِ حَقَائِقِ الْعَالَمِ بِقَلْبِهَا وَإِفْسَادِهَا، وَظُلْمِ أَنْفُسِهِمْ بِإِقْحَامِهَا فِي الْعَذَابِ الْخَالِدِ.
وَعُدِلَ عَن الْإِتْيَان بضميرهم إِلَى الْإِتْيَانِ بِالْمَوْصُولِ لِمَا فِي الصِّلَةِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ كَوْنِهِمْ أَظْلَمَ النَّاسِ. وَإِنَّمَا اقْتُصِرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى أَنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبُوا بِالصِّدْقِ لِأَنَّ هَذَيْنِ الْكَذِبَيْنِ هُمَا جِمَاعُ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الظُّلْمِ الْمَذْكُورِ آنِفًا.
وَالصِّدْقُ: ضِدُّ الْكَذِبِ. وَالْمُرَادُ بِالصِّدْقِ الْقُرْآنُ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَجِيءُ الصِّدْقِ إِلَيْهِمْ: بُلُوغُهُ إِيَّاهُمْ، أَيْ سَمَاعُهُمْ إِيَّاهُ وَفَهْمُهُمْ فَإِنَّهُ بِلِسَانِهِمْ وَجَاءَ بِأَفْصَحِ بَيَانٍ بِحَيْثُ لَا يُعْرِضُ عَنْهُ إِلَّا مُكَابِرٌ مُؤْثِرٌ حُظُوظَ الشَّهْوَةِ وَالْبَاطِلِ عَلَى حُظُوظِ الْإِنْصَافِ وَالنَّجَاةِ.
وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ كَلِمَةِ (الصِّدْقِ) وَفِعْلِ كَذَبَ مُحَسِّنُ الطِّبَاقِ.
وإِذْ جاءَهُ مُتَعَلِّقٌ بِ كَذَبَ، وإِذْ ظَرْفُ زَمَنٍ مَاضٍ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَ الزَّمَنِ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ الْمُضَافُ إِلَيْهَا، وَحُصُولُ مُتَعَلِّقِهِ، فَقَوْلُهُ: إِذْ جاءَهُ يَدُلُّ
عَلَى أَنَّهُ كَذَّبَ بِالْحَقِّ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ إِيَّاهُ بِدُونِ مُهْلَةٍ، أَيْ بَادَرَ بِالتَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ وَقْفَةٍ لِإِعْمَالِ رُؤْيَةٍ وَلَا اهْتِمَامٍ بِمَيْزٍ بَيْنَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ.
وَجُمْلَةُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ مُبَيِّنَةٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ أَيْ أَنَّ ظُلْمَهُمْ أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ مَثْوَاهُمْ فِي جَهَنَّمَ.
وَالِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيٌّ، وَإِنَّمَا وُجِّهَ الِاسْتِفْهَامُ إِلَى نَفْيِ مَا الْمَقْصُودُ التَّقْرِيرُ بِهِ جَرْيًا
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست