responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 401
وَقَدْ يَتَطَلَّبُ وَجْهُهُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَا صِيغَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ وَمَا صِيغَ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ فَنُفَرِّقُ بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ بِأَنَّ مَا صِيغَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ كَانَ فِي مَقَامٍ أَهَمَّ لِأَنَّهُ إِمَّا تَمْثِيلٌ لِإِبْطَالِ الْإِشْرَاكِ، وَإِمَّا لِوَعِيدِ الْمُشْرِكِينَ، وَإِمَّا لِنَحْوِ ذَلِكَ، خِلَافًا لِمَا صِيغَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ كَائِنٌ فِي مَقَامِ الْعِبْرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ إِجْمَالًا فِي سُورَةِ النَّحْلِ.
وَقَوْلُهُ: رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ وَمَا بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيَانِ لِ- مَثَلًا.
وَجَعْلُ الْمُمَثَّلِ بِهِ حَالَةَ رَجُلٍ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ امْرَأَةٍ أَوْ طِفْلٍ وَلَكِنْ لِأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى أَذْهَانِ النَّاسِ فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَالْحِكَايَاتِ، وَلِأَنَّ مَا يُرَادُ مِنَ الرجل مِنَ الْأَعْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا يُرَادُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ، وَلِأَنَّ الرَّجُلَ أَشَدُّ شُعُورًا بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدَّعَةِ أَوِ الْكَدِّ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ فَقَدْ يَغْفُلَانِ وَيَلْهَيَانِ.
وَجُمْلَةُ فِيهِ شُرَكاءُ نَعْتٌ لِ- رَجُلًا، وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى شُرَكاءُ لِأَنَّ خَبَرَ النَّكِرَةِ يَحْسُنُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا إِذَا وُصِفَتْ، فَإِذَا لَمْ تُوصَفْ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ لِكَرَاهَةِ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ. وَمَعْنَى فِيهِ شُرَكاءُ: فِي مُلْكِهِ شُرَكَاءُ.
وَالتَّشَاكُسُ: شِدَّةُ الِاخْتِلَافِ، وَشِدَّةُ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّجُلِ الِاخْتِلَافُ فِي اسْتِخْدَامِهِ وَتَوْجِيهِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ سَلَماً بِفَتْحِ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا مِيمٌ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرِ: سَلِمَ لَهُ، إِذَا خَلَصَ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ سَالِمًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَهُوَ مِنْ:
سَلِمَ، إِذَا خَلَصَ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ كَمَا أَيَّدَهُ النَّحَاسُ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فِيهِ لِلرَّجُلِ. وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِحَالِ الْمُشْرِكِ فِي تَقَسُّمِ عَقْلِهِ بَيْنَ آلِهَةٍ كَثِيرِينَ فَهُوَ فِي حَيْرَةٍ وَشَكٍّ مِنْ رِضَى بَعْضِهِمْ عَنْهُ وَغَضَبِ بَعْضٍ، وَفِي تَرَدُّدِ عِبَادَتِهِ إِنْ أَرْضَى بِهَا أَحَدَ آلِهَتِهِ، لَعَلَّهُ يُغْضِبُ بِهَا ضِدَّهُ، فَرَغَبَاتُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ وَبَعْضُ الْقَبَائِلِ أَوْلَى بِبَعْضِ الْأَصْنَامِ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ تَعَالَى: وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ [الْمُؤْمِنُونَ:
91] ، وَيَبْقَى هُوَ ضَائِعًا لَا يَدْرِي عَلَى
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست