responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 402
أَيِّهِمْ يَعْتَمِدُ، فَوَهْمُهُ شُعَاعٌ، وَقَلْبُهُ أَوْزَاعٌ، بِحَالِ مَمْلُوكٍ اشْتَرَكَ فِيهِ مَالِكُونَ لَا يَخْلُونَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ وَتَنَازُعٌ، فَهُمْ يَتَعَاوَرُونَهُ فِي مِهَنٍ شَتَّى وَيَتَدَافَعُونَهُ فِي حَوَائِجِهِمْ، فَهُوَ حَيْرَانُ فِي إِرْضَائِهِمْ تَعْبَاْنُ فِي أَدَاءِ حُقُوقِهِمْ لَا يَسْتَقِلُّ لَحْظَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنِ اسْتِرَاحَةٍ.
وَيُقَابِلُهُ تَمْثِيلُ حَالِ الْمُسْلِمِ الْمُوَحِّدِ يَقُومُ بِمَا كَلَّفَهُ رَبُّهُ عَارِفًا بِمَرْضَاتِهِ مُؤَمِّلًا رِضَاهُ وَجَزَاءَهُ، مُسْتَقِرَّ الْبَالِ، بِحَالِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْخَالِصِ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ قَدْ عَرَفَ مُرَادَ مَوْلَاهُ وَعَلِمَ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ فَفَهْمُهُ وَاحِدٌ وَقَلْبُهُ مُجْتَمِعٌ وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي كُلِّ مُتَّبِعِ حَقٍّ وَمُتَّبِعِ بَاطِلٍ فَإِنَّ الْحَقَّ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْوُجُودِ وَالْوَاقِعِ، وَالْبَاطِلُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْوَاقِعِ، فَمُتَّبِعُ الْحَقِّ لَا يَعْتَرِضُهُ مَا يشوش عَلَيْهِ باله وَلَا مَا يُثْقِلُ عَلَيْهِ أَعْمَالَهُ، وَمُتَّبِعُ الْبَاطِلِ يَتَعَثَّرُ بِهِ فِي مَزَالِقِ الْخُطَى وَيَتَخَبَّطُ فِي أَعْمَالِهِ بَيْنَ تَنَاقُضٍ وَخَطَأٍ.
ثُمَّ قَالَ: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا، أَيْ هَلْ يَكُونُ هَذَانِ الرَّجُلَانِ الْمُشَبَّهَانِ مُسْتَوِيَيْنِ حَالًا بَعْدَ مَا عَلِمْتُمْ مِنِ اخْتِلَافِ حَالَيِ الْمُشَبَّهِينَ بِهِمَا. وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: هَلْ يَسْتَوِيانِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرِيًّا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارِيًّا، وَجِيءَ فِيهِ بِ- هَلْ لِتَحْقِيقِ التَّقْرِيرِ أَوِ الْإِنْكَارِ. وَانْتُصِبَ مَثَلًا عَلَى التَّمْيِيزِ لِنِسْبَةِ يَسْتَوِيانِ.
وَالْمَثَلُ: الْحَالُ. وَالتَّقْدِيرُ: هَلْ يَسْتَوِي حَالَاهُمَا، وَالِاسْتِوَاءُ يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ التَّمْيِيزُ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، وَقَدْ عُرِفَ التَّعَدُّدُ مِنْ فَاعِلِ يَسْتَوِيانِ وَلَوْ أُسْنِدَ الْفِعْلُ إِلَى مَا وَقَعَ بِهِ التَّمْيِيزُ لَقِيلَ: هَلْ يَسْتَوِي مَثَلَاهُمَا.
وَجُمْلَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جَوَابًا لِلِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَحَدَ الظَّرْفَيْنِ الْمُقَرَّرِ عَلَيْهِمَا مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ لَا يَسَعُ الْمُقَرَّرُ عَلَيْهِ إِلَّا الْإِقْرَارَ بِهِ، فَيُقَدَّرُونَ: أَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِعَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَالَةِ، أَيْ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ لَا يَنْتَظِرُ السَّائِلُ جَوَابًا عَنْهُ، فَلِذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى الْجَوَابَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَ الْمَسْئُولُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ [النَّبَأِ: 1- 2] ، وَقَدْ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ اعْتَرَفَ فَيُؤْتَى بِمَا يُنَاسِبُ اعْتِرَافَهُ كَمَا هُنَا،
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 23  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست