نام کتاب : نشوار المحاضرة و أخبار المذاكرة نویسنده : التنوخي، محمد بن علي جلد : 8 صفحه : 248
ابن بختيشوع إلى دور البرامكة، و هو إذ ذاك طبيبهم، لا يعرفون خدمة طبيب غيره، و لا يثقون برأي غيره، و يدخل إلى حرمهم، و لا يستتر أكثرهم عنه.
قال: فصحبته يوما، و قد دخل إلى يحيى بن خالد، فلما خرج من عنده، عدل به الخادم، إلى حجرة دنانير [1] جاريته، فدخلت معه، و أفضينا إلى ستارة منصوبة، في صدر مجلس عظيم، و خلفها الجارية، فشكت إليه شيئا وجدته، فأشار عليها بالفصد [2] ، و كان لا يفصد بيده، و إنّما يحمل معه من يفصد من تلامذته، و رسم الفصد عليهم خمسمائة دينار.
قال: فندبني ذلك اليوم للفصد، و أخرجت يدها من وراء الستارة، ففصدتها، و حملت إليّ في الحال خمسمائة دينار عينا، و أخذتها، و جلس أبي إلى أن يحمل إليها شراب تشربه بحضرته، و رمّان أشار عليها باستعماله.
قال: فحمل ذلك في صينية عظيمة مغطّاة، و تناولت منه ما أرادت، و خرج الظرف مكشوفا، فرآه أبي، فقال للخادم: قدّمه إليّ، فقدّمه إليه، فكان في جملته جامة فيها رمّان، و فيها هذه الملعقة، فحين رآها أبي قال:
و اللّه ما رأيت مثل هذه الملعقة، و لا الجامة.
قال: فقالت له دنانير: بحياتي عليك، يا جبريل، خذها.
قال: ففعل، و قام ينصرف.
[1] دنانير، جارية البرامكة: مغنية نسب إليها كتاب في الأغاني، رباها و خرجها رجل من أهل المدينة، و اشتراها يحيى بن خالد الوزير البرمكي، فنبغت في بيته، و كان الرشيد معجبا بها، فلما نكب البرامكة، أمرها الرشيد بالغناء في حضرته، فأبت، فأمر بضربها، ثم رق لها فأطلقها، و خطبت للزواج فرفضت، و ظلت وفية للبرامكة حتى ماتت سنة 210 (الأعلام 3/21) .