نام کتاب : نشوار المحاضرة و أخبار المذاكرة نویسنده : التنوخي، محمد بن علي جلد : 8 صفحه : 247
فقال: ما فكّرت في هذا، و لا حملت شيئا.
فقال له: بحياتي عليك.
فضرب بيده إلى كمّه، فأخرج منه، مثل الدواة، معمولا من عود هندي، لم ير قط مثله، كالأبنوس [1] سوادا، و عليه حلية ذهب محرّق [2] ، لم ير قط أحسن منها عملا، و لا من الدواة.
قال: فقدّر المتوكل، أنّ الهدية هي الدواة، فاستحسنها.
فقال: لا تعجل يا مولاي، حتى ترى ما فيها.
ففتحها، و أخرج من داخلها، ملعقة كبيرة محرّقة، من ياقوت أحمر.
قال: فخطفت أبصارنا، و دهشنا، و تحيّرنا.
فبهت المتوكل، و أبلس [3] ، و سكت ساعة متعجبا، مفكّرا، ثم قال:
يا بختيشوع، و اللّه، ما رأيت لنفسي، و لا في خزانتي، و لا في خزائن آبائي، و لا سمعت، و لا بلغني أنّه كان للملوك من بني أميّة، و لا لملوك العجم مثلها، فمن أين لك هذه؟[98].
فقال: الناس لا يطالبون بمثل هذا، و قد أهديت إليك، ما قد اعترفت بأنّك لم تر، و لم تسمع، بمثله حسنا، فليس لك مسألتي عن غيره.
قال: بحياتي أخبرني.
فامتنع، إلى أن كرّر عليه إحلافه بحياته، دفعات، و هو يمتنع.
فقال: ويحك، أحلّفك بحياتي، دفعات، أن تحدّثني حديثا، فتمتنع، و قد بذلت لي ما هو أجلّ من كلّ شيء.
قال: فقال له: نعم يا مولاي، كنت حدثا، أصحب أبي جبريل
[1] الآبنوس: خشب ثمين أسود اللون صلب العود للغاية، يعيش شجره في البلدان الحارة.