نام کتاب : نشوار المحاضرة و أخبار المذاكرة نویسنده : التنوخي، محمد بن علي جلد : 1 صفحه : 199
108 كل نفس آتيناها هداها
حدّثني أحمد بن عبد اللّه بن بكر البصريّ، قال: حدّثني عروة الزبيريّ [1] :
إنّه حجّ في سنة الهبير [2] ، فاشترى من مكّة قردا، و كان مع عديله [3]
كلب، فألف القرد الكلب، فكانا يأكلان في موضع واحد.
قال: فقطع علينا القرمطيّ، و أخذنا السيف، و تفرّق الناس، و حيل بينهم، و بين أمتعتهم و رحالاتهم، و مشيت أنا، فأفلّت فيمن أفلت، و جئت إلى الكوفة، و ما أملك درهما واحدا.
فبينا أنا جالس يوما أفكّر، لمن أسأل، و كيف أعمل، إذ سمعت جلبة و ضوضاء.
فخرجت أبصر ما هي؟فإذا القرد قد ركب الكلب، و جاء كذلك، فدخلا الكوفة، و الناس يضحكون منهما.
[2] سنة الهبير هي السنة 312، التي قطع فيها القرمطي الطريق على الحاج، و استباح أموالهم و دماءهم، و كان رئيس القرامطة أبو طاهر الجنابي، و سنه إذ ذاك سبع عشرة سنة، خرج إلى الهبير في ثمانمائة فارس و ثمانمائة راجل، ليستقبل الحاج عند عودتهم من مكة، و قاتلهم فقتل منهم قتلا مسرفا، و أخذ جمالهم، و سبى من اختار من النساء و الصبيان، و سار بهم، إلى هجر، و ترك باقي الحاج في مواطنهم بلا جمال و لا زاد، فمات أكثر الحاج بالعطش و الحفاء، و حصل لأبي طاهر ما حرز من الأموال ألف ألف دينار، و من الأمتعة و الطيب نحو ألف ألف دينار أيضا، فانقلبت بغداد، و خرجت النساء منشورات الشعور، مسودات الوجوه، يلطمن و يصرخن في الشوارع، و وثب العامة على الوزير ابن الفرات و رجموا طياره بالآجر، و رجموا داره أيضا (المنتظم 6/188) .