وصف الدهر و النوى
قال محمد بن وهب:
إذا ما سموت إلى وصله # تعرّض لي دونه عائق
و حاربني فيه ريب الزمان # كأنّ الزّمان له عاشق
قال شاعر:
ملام النّوى في بعدها غاية الظلم # كأنّ بها مثل الذي بي من اللوم
فلو لم تعز لم تزو عنّي لقاءكم # و لو لم تردّكم لم تكن فيكم خصمي [1]
و قال المتنبّي:
أبى خلق الدنيا حبيبا تديمه # فما طلبي منها حبيبا تردّ
التحيّر لتفرّق الأحباب فرقتين
قال أبو العتاهية:
أيا كبدا عادت عشيّة غرّب # من الشوق إثر الظاعنين تصدع
عشيّة ما فيمن أقام يغرّب # مقام و لا فيما مضى متشرّع
تفرّق أهلانا مقيما و ظاعنا # فللّه درّي أيّ قومي أتبع
ينازعني شوقي أمامي و حاجتي # ورائي فما أدري بها كيف أصنع
الرغبة في حفظ المودة عند الغيبة
خرج عبد الملك بن صالح مشيّعا لجعفر بن يحيى فاستعرض حاجاته فقال: قصارى كل مشيّع الرجوع، و لكني أريد من الأمير أن يكون كما قال ابن الدمينة [2] :
فكوني على الواشين لدّاء شغبة # كما أنا للواشي ألدّ شغوب [3]
فقال جعفر: أقول كما قال جميل: معاتبة القلب لاشتياقه إذا نأى و تلوّنه على الحبيب إذا دنا. قال بعضهم:
و خبّرتني يا قلب أنّك ذو هوى # بليلى فذق ما كنت قبل تقول
و منّيتني حتّى إذا ما تقطّعت # قوى من قوى أعولت كلّ عويل؟
و قال الخوارزمي:
و لما سرت عنك رأيت نفسي # و بين الرجل و القلب اختصام
[1] زوى الشيء زويّا: نحّاه و منعه، و زوى عنه حقّه منعه إيّاه.
[2] ابن الدمينة: هو عبد اللّه ابن الدمينة شاعر بدويّ أمويّ من بني عامر اشتهر بغزله و فخره، مات سنة (747 م) .
[3] لدّاء: مؤنث الألد، أي شديدة العداوة. الشغوب: الذي يهيّج مكامن الشرّ.