فلمّا أعادت من بعيد بنظرة # إليّ التفاتا أسلمته المحاجر
و قال آخر:
سقى اللّه ركبا ودّعوا يوم ودّعوا # و عيرهم شوقي و حاديهم وجدي [1]
غداة مضت و استوثقتني عبرة # أسائل في سعد عن القمر السعدي
إظهار التوجع لوداع الحبيب
قال شاعر:
وداعك مثل وداع الربيع # و قدّك مثل انفقاد الدّيم [2]
عليك السلام فكم من وفا # نفارقه منك أو من كرم
قال أبو تمّام:
النّاس غيرك ما تغيّر خيرتي # لفراقهم هل أنجدوا أم أغاروا [3]
صعوبة لقاء الإبل للفراق
لو تعلم العيس ما في يوم بينهم # أبت على السائق الحادي فلم تسر
كأنّ أيدي مطاياهم إذا وخذت # يقعن في حرّ وجهي أو على بصري
قال المتنبّي:
كأنّ العيس كانت فوق جفني # مناخات فلما ثرن سالا [4]
و قد ذم بعضهم الإبل لما كانت سببا للفراق فقال:
و ما غراب البين إلا ناقة أو جمل
و نقضه جران العود فقال:
بأخفافها يدنو الفتى من حبيبه # و تنقذه إن أذهلته الشّدائد [5]
ارتحال القلب بارتحال المحبّ
قيل: إن بان أخوك بان شطرك. قطيعة الوصال قطع الأوصال. قال الصنوبري:
ذكروا أنّ الفراق غدا # و فراق النّفس بعد غد
قالوا الرحيل فما شككت بأنّه # نفسي عن الدنيا تريد رحيلا
[1] العير: الحمار الأهلي جمع أعيار-الحادي: سائق الإبل.
[2] الدّيم: السحب الممطرة جمع ديمة.
[3] أنجدوا: قصدوا أرض نجد-أغاروا: قصدوا الغور و أرض نجد عالية و أرض الغور منخفضة.
[4] مناخات: باركة.
[5] الشدائد: المواقف العصيبة و نوائب الدهر.