نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 655
حمد سكون البادية و ذمّه
و قال شاعر:
و من تكن الحجارة أعجبته # فأيّ أناس بادية ترانا
و قال صلّى اللّه عليه و سلّم: من سكن البادية جفا و من اتبع الصيد لها و من أتى السلطان فتن.
(8) و ممّا جاء في النيران
ماهيّة النّار
قال النظّام: النار اسم للحر و الضياء، و هما جوهران صعادان. و الضياء هو الذي يعلو إذا انفرد و لا يعلى. فإذا قيل أحرقت النار و سخنت، فذلك للحرّ لا للضياء.
و قال: النار مكنة في الأشياء كلّها، فإذا أطفئت نار الأتون فوجدنا حرّها و لم نجدها مضيئة فلأن حرّ النار يهيج تلك الحرارات فيظهرها، و لم يكن ثم ضياء فيظهر إذا خالطته النار فهو أشدّ كالصاعقة.
منفعة النار
قيل: من أكبر المواعين الماء و النار ثم الكلأ و الريح، و منافعها يطول حصرها و يصعب ذكرها. قال اللّه تعالى: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ اَلشَّجَرِ اَلْأَخْضَرِ نََاراً[1] (الآية) .
و هي أعظم ما زجر به عن المعاصي. و قد جعلها اللّه تعالى من عذاب الآخرة فقد عذب في الدنيا بالغرق و الرياح و الحاصب، و الرجم و المسخ و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و لم يبعث عليهم نارا، و هي ما ركب منه العالم و لا يتعرّى شجر و مدر منها.
و قيل في الإخوان: هم بمنزلة النار قليلها ينفع و كثيرها يضرّ. و كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمان و أحوجهم الاستمطار عقدوا في أذناب البقر شسعا [2] فصعدوا بها جبلا و أوقدوها نارا و ضجوا بالدعاء.
و نارا كانوا يوقدونها في التحالف و قد ذكرناه في الإيمان و نارا كانوا يوقدونها خلف مسافر لا يريدون رجوعه.
قال شاعر:
و حمة أقوام حملت و لم أكن # لأوقد نارا خلفهم للتندّم