و قال الأصمعي: سألني الرشيد عن حقيقة العشق فقلت: أن يكون البصل منها أطيب من المسك من غيرها.
عذر من أحبّ قبيحا
قيل لرجل: لم اخترت من جواريك أقبحهنّ؟فقال: لأن الهوى ليس نخّاسا [2]
فيختار أثمنهنّ. و قال رجل للجماز: ابتلاك اللّه بحب فلانة و إنّها لامرأة قبيحة. فقال يا أحمق لو ابتلاني اللّه بحبها لكانت كالحور العين عندي، و لكن ابتلاك بأن تكون في بيتك و أنت تبغضها و لا يمكنك التخلّص منها. و قيل لرجل: اخترت فلانة مع قبحها فقال: لو صحّ لذي الهوى اختيار لاختار أن لا يعشق و قيل: العين إذا أبصرت الهوى عميت عن الاختيار.
من جعل محبوبه كمعبوده
مذهب الحلوليين [3] معروف فيما يدّعونه-تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا-قال شاعر:
لما رآه النصارى لا شبيه له # و شاهدوه بأسماع و أبصار
خرّوا سجودا و قالوا حلّ ثانية # في صورة الأنس ذاك الواحد الباري
و قال آخر:
أفدي بنفسي من بدر على غصن # تكاد تأكله عيناي بالنظر
إذا تفكّرت فيه عند رؤيته # صدّقت قول الحلوليين في الصور
هوى ثبت في الصغر و بقي على حالته في الكبر
كل هوى ثبت في الصغر فهو كالنّقش في الحجر، لا تغيّره الأحوال و لا تبدّله الأعوام. قال ابن الطثريّة:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى # فصادف قلبا خاليا فتمكّنا
و قال:
و علقت ليلى و هي ذات ذوائب # تردّ علينا بالعشيّ المراميا [4]
[1] يدعو الشاعر من أبغض حبيبا له أن يراه بعينه أي عين محبّه لأن عين المحبّ لا ترى المساوئ.
[3] مذهب الحلوليين: هو مذهب بعض المتصوفين الذين يعتقدون بأن الذات الإنسانية يمكن أن تحلّ في الذات الإلهية عند ما تتّحد بها، و السبيل إلى ذلك العبادة و الزهد و الارتفاع فوق شهوات المادّة.
[4] الذوائب: الضفائر جمع ذؤابة-المرامي: الأغراض، جمع مرمى.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 55