نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 54
أدير طرفي فلا أرى حسنا # إلا أرى فيك ذلك الحسنا
إجابة الهوى إذا دعا
قال بعض بني أسد:
إذا أمرتك النفس أن تتّبع الهوى # فقل: سامع للأمر منك سميع
و هذا خلاف قول الآخر:
إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى # إلى بعض ما فيه عليك مقال
و لهذا باب في أول الكتاب، و لثوبة:
و لو أنّ ليلى الأخيلية سلّمت # عليّ و دوني جندل و صفائح [1]
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا # إليها صدى من جانب القبر صائح
فيقال: لما مات ثوبة و مضى على ذلك زمان و تزوجت ليلى مرّت مع زوجها يوما بقبر ثوبة فقال: أ لا تسلمين عليه لننظر هل صدق في قوله و لو أن ليلى (البيتين) . فسلمت عليه فندّت هامة [2] من ناحية قبره و صرخت، فنفر جملها و سقطت فاندقّ عنقها فماتت فدفنت بجانبه.
جهل المحب بمقابح محبوبه
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: حبّك الشّيء يعمي و يصمّ، أي يعمي عن الرشد و يصمّ عن سماع المواعظ على ذلك قال معاوية: لو لا يزيد لأبصرت رشدي. قال شاعر:
يا عتب ما أنا عن فعالك بي # أعمى و لكنّ الهوى أعمى
و قال آخر:
و عين الرضا عن كل عيب كليلة # كما أنّ عين السخط تبدي المساويا [3]
قال المتنبّي:
و يقبح من سواك الفعل عندي # و تفعله فيحسن منك ذاكا
[1] ليلى الأخيليّة: شاعرة عربية من بني عقيل (انظر جانبا من سيرتها في تقديمنا لديوانها-منشورات دار الأرقم) .
[2] الهامة (هنا) : طائر كالبوم يألف القبور و الأماكن الخربة و يقال له الصدى، يقال: فلان صار هامة أى مات، و الهامة طائر خرافيّ اعتقد الأقدمون أنه يخرج من رأس الميت قائلا: اسقوني، أي من دم القتيل الذي مات دون أن يؤخذ بثأره.
[3] عين كليلة: أي لا تبصر-يقول: إن رضى النفس عن شخص أو شيء يجعل العين تعمى عن رؤية العيوب، بخلاف عين الساخط و الغاضب فهي لا ترى إلا المساوئ.