responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 44

قال شاعر:

ثلاثة أحباب فحب علاقة # و حبّ تملاق و حبّ هو القتل‌ [1]

و سئل بعض الصوفية عن الحب و الهوى فقال: الهوى يحلّ في القلب و المحبة يحلّ فيها القلب. و قيل: العشق اسم لما يفضل من المحبة، كما أن السخاء اسم لما جاوز الجود، و البخل اسم لما قصر عن الاقتصاد، و الهوج اسم لما فضل عن الشجاعة.

و قال بعض الفلاسفة: الحب و العشق و الهوى من جنس، لكن العشق اشتهار و تضرع، و الوجد هو الحب الساكن الذي إذا رأى صاحبه شغف به و إذا غاب لهج بذكره، و الهوى ما تتبعه النفس‌ [2] غيا كان أم رشدا حسنا كان أو قبيحا و لذلك ذمّه اللّه تعالى بقوله:

وَ لاََ تَتَّبِعِ اَلْهَوى‌ََ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اَللََّهِ [3] .

الأسباب المولّدة للعشق‌

زعم بعض المتفلسفين أن اللّه تعالى خلق الأرواح كلّها كهيئة كرة ثم قطعها أنصافا فجعل في كل جسد نصفا [4] . فكل جسد لقي الجسد الذي فيه نصفه حصل بينهما عشق و تفاوت حالهما في القوّة و الضعف على حسب رقة الطبائع.

و زعم بعضهم أن الصداقة على ثلاثة أنواع: إمّا لاتفاق الأرواح فيكون لاتفاق الشمس و القمر في المولّدين في برج واحد، فلا يجد أحدهما بدّا من حب صاحبه، و إمّا لمنفعة تحصل فتولد ذلك، و لهذا قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، و بغض من أساء إليها و إما لألفة تجتمع مواد الحرص إليها، و لهذا قال المتنبّي:

و ما العشق إلا غرّة و طماعة # يعرّض قلب نفسه فتصاب‌

و قال الصمد المري:

و ما العشق إلا النار توقد في الحشا # و تذكى إن انضمت عليه الحوائج‌ [5]


[1] الحبّ الذي هو القتل هو الذي يهلك صاحبه و في هذا قول رجل من بني عذرة عن قومه إذا أحب أحدنا هلك، إشارة إلى شدّة التعلّق و الشغف و التدلّه.

[2] غيّا: ضلالا، و خلاف الغيّ الهواية و الرشاد.

[3] القرآن الكريم: ص/26.

[4] قوله: «جعل في كل جسد نصفا» يدلّ على التأثر بالنظرة الأفلاطونية في الحبّ، فقد ذهب أفلاطون إلى أنّ الإنسان كان يعيش في عالم علويّ ثم وقع في الخطيئة فأغضب الآلهة التي طردته من عالم المثال، و هبطت به إلى عالم المادّة و شطرته إلى شطرين أو نصفين، و أن السعادة لا تتم إلا إذا تلاقى الشطران و هذه الناحية عند أفلاطون تمثل ضربا من ضروب الحبّ، و جانبا من فلسفته في هذا الباب.

[5] تذكى النار: تتأجج.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست