responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 45

شدّة معاناة العشق‌

قال أعرابي: ما أشدّ جولة الرأي عند الهوى و فطام النفس عند الصبا، و لقد تصدّعت كبدي للمحبين فلوم العاذلين قرطة في آذانهم و نار مؤجّجة في أبدانهم، لهم دموع على المغاني كغروب‌ [1] السواقي.

و قيل: كلّ شهوة تخطر فمداواتها سهلة ما خلا العشق.

ما يولّده العشق من الأخلاق الحميدة

شكا معلم سعيد بن مسلمة ولده إليه، فقال: إنه مشتغل بالعشق فقال: دعه فإنه يلطف و ينظف و يظرف. و كان ذو الرئاستين‌ [2] يبعث أحداث أهله إلى شيخ يعلّمهم الحكمة، فقال لهم يوما: هل فيكم عاشق؟قالوا: لا. قال: اعشقوا و إياكم و الحرام فالعشق يفصح الفتى و يذكي و يسخي البخيل و يبعث على التنظيف و تحسين الملبس، فلما انصرفوا قال لهم ذو الرئاستين: ما استفدتم اليوم؟قالوا: كذا و كذا. قال: نعم. و إنّما أخذه ممّا روي أن بهرام جور كان له ابن أهّله للملك بعده، و كان ساقط الهمة ردي‌ء النفس سيّئ الخلق فغمّه ذلك، و وكل به من يعلّمه، فلم يكن يتعلّم. فقال معلمه: كنا نرجوه على حال فحدث منه ما أيأسنا و هو أنه عشق بنت المرزبان‌ [3] فقال: الآن رجوت فلاحه.

ثم دعا أبا الجارية فقال: إنّي مستسر إليك سرا، فلا يعدونّك‌ [4] . اعلم أنّ ابني عشق ابنتك و أريد أن أزوّجها منه فمرها بأن تطمعه من غير أن يراها فإذا استحكم طمعه فيها أعلمته أنها راغبة عنه لقلّة أدبه.

ثم قال للمعلم: خوّفه بي و شجّعه على مراسلة المرأة ففعلت المرأة ما أمرت به.

فقال الغلام في نفسه: أنا أجتهد في تحصيل ما أصل إليها به فأخذ في التأدّب و تعلم الشجاعة ثم قال أبوه للمؤدب شجّعه على أن يرفع أمرها، و يسألني أن أزوجها منه، ففعل فزوّجها من ابنه. و قال لا تزدرينّ بها في مراسلتها إليك فإني أمرتها بذلك و إنّ من صار سببا لعقلك فهو أعظم الناس بركة عليك.

قال العرجيّ‌ [5] :

تجشّم المرء هولا في الهوى كرم‌


[1] الغروب: الدموع و هو أصلا عرق في العين يسقي لا ينقطع.

[2] ذو الرئاستين: هو ابن العبّاس الفضل بن سهل لأنه تقلّد الوزارة و السيف زمن المأمون.

[3] المرزبان: أي الرئيس عند الفرس.

[4] يعدونّك: أي يتجاوزك إلى سواك.

[5] العرجيّ: من شعراء الغزل المادّي في العصر الأموي، و هو منسوب إلى قرية تدعى العرج قرب الطائف و اسمه عبد اللّه بن عمر، من أهل مكة. و قد جمع بين الحبّ و الفروسية (انظر أخباره في الأغاني 1/ 383 طبعة دار الكتب) .

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 2  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست