نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 43
الحدّ الثالث عشر في الغزل و ما يتعلّق به
(1) ما جاء في أوصاف الهوى و أحوال العشّاق
ماهية العشق
سئل بعض الفلاسفة عن العشق فقال: جنون إلهي، لا محمود و لا مذموم. و سئل عنه آخر فقال: حركة النفس الفارغة. قال شاعر:
هل الحبّ إلا زفرة بعد زفرة # و حرّ على الأحشاء ليس له برد
و فيض دموع العين يا ميّ كلّما # بدا علم من أرضكم لم يكن يبدو
و قال بعض الصوفية: الهوى محنة امتحن اللّه بها خلقه يستدل به على طاعة خالقهم و رازقهم. و قيل لبعضهم: ما العشق؟فقال: ارتياح في الخلقة و فرح يجول في الروح و سرور ينساب في أجزاء القوى.
و قال العيني: سألت أعرابيا عن الهوى فقال: هو أظهر من أن يخفى، و أخفى من أن يرى، كامن كمون النار في الحجر، إنّ قدحته أورى و إن تركته توارى. و سئل يحيى بن معاذ عن حقيقته فقال: الذي لا يزيده البرّ و لا ينقصه الجفاء.
أحوال فروع الهوى و أنواعه
قال العلماء: الهوى أنواع أوّله العلاقة و هو الشيء يحدثه النظر و السمع فيخطر بالبال، ثم ينمو فيقوى فيصير محبّة، و الحبّ اسم مشترك يجمع ضروبا من ميل النفس كحب الولد و المال، ثم الهوى ثم المودة ثم الصبابة ثم العشق ثم الوله و الهيام و التتيّم و هو أرفع درجات الحب لأنه التعبّد. [1]
[1] يشير في هذا السياق إلى مراتب الحبّ عند العرب، و قد حرص فقهاء العربيّة على اعتبار الهوى متباين الوجوه و متعدّد الحالات قوّة و شدّة. و جاء في كتاب فقه اللغة للثعالبي قوله: أول مراتب الحبّ الهوى ثم العلاقة ثم الكلف ثم العشق ثم الشّغف فاللوعة و اللاعج، ثم الشغف ثم الجوى فالتّيم ثم التّبل و هو الحبّ المسقم و أقصى الدرجات التدليه و الهيوم و بهما ذهاب العقل من الهوى و السير على غير هدى، و يلاحظ أن الغالب الأصبهاني قد لامس بعض هذه المراتب.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 43