نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 2 صفحه : 26
تفضيل صداقة من قدم إخاؤه
قال معاوية لكاتب له: عليك بصاحبك الأقدم فإنّك تجده على مودّة واحدة و إن قدم العهد و بعدت الدار. و إيّاك و كلّ مستحدث فإنه يجري مع كل ريح. و قيل لا تستبدلنّ بأخ لك قديم، أخا مستفادا ما استقام لك. قال شاعر:
كيف يبقى لك الجديد من النا # س إذا كنت تطرح الخلقانا [1]
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى # ما الحبّ إلاّ للحبيب الأوّل [3]
كم منزل في الأرض يألفه الفتى # و حنينه أبدا لأوّل منزل
عكس ذلك
قيل: عليك بمستظرف الإخوان تستفيد منهم مستطرف الإحسان، و تأمن منهم بوائق [4] الشقاق:
فللعين ملهى في التّلاد و لم يفد # هوى النفس شيء كافتياد الظرائف
و لهذا الباب و ما تقدّم نظير في حدّ الغزل.
العتب على المتلوّن و ذمّه
قيل: مودّته متنقلة كتنقل الأفياء و أخوّته متلونة كلون الحرباء. قال صالح:
قل للذي لست أدري من تلوّنه # أنا صح أم على غشّ يداجيني
تغتابني عند أقوام و تمدحني # في آخرين و كلّ منك يأتيني
و قال آخر:
أخ لي كأيّام الحياة إخاؤه # تلوّن ألوانا على خطوبها
إذا عبت منه عيبة فتركته # دعتني إليه خلّة لا أعيبها
و كتب عبد اللّه بن معاوية: قد عاقني الشكّ في أمرك عن عزيمة الرأي فيك، فإنك ابتدأتني بلطف من غير خبرة، و أعقبتني بجفاء من غير ذنب، فأطمعني أوّلك في أخائك و أيأسني آخرك من وفائك. فسبحان من لو شاء كشف الغطاء، فأقمنا على ائتلاف أو افترقنا
[2] أبو الشيص محمد: (توفّي 811) شاعر عباسي مطبوع من أهل الكوفة ابن عمّ الشاعر دعبل. عمي في آخر حياته. امتاز بوصف الخمرة و المديح.
[3] يقول: مهما تتقلّب في حبّك فالحبّ الأمثل لا يكون إلا للحبيب الأوّل. و لئن ألف الفتى في حياته الوجدانية منازل شتّى فرجوعه دائما للحبيب الأول و هذا الشعر منسوب إلى شعراء منهم أبو تمّام.