و قال الفرزدق و قد لقيه أسد:
لما سمعت له هماهم أجهشت # نفسي إليّ تقول أين فراري؟
فربطت نفرتها و قلت لها: اصبري # و شددت في ضنك المقام إزاري [1]
و قال أبو تمّام:
و حنّ للموت حتّى ظنّ مبصره # بأنه حنّ مشتاقا إلى وطن
لو لم يمت تحت أسياف العدا كرما # لمات إذ لم يمت من شدّة الحزن
و قال البحتري:
تسرع حتّى ظنّ من شهد الوغى # لقاء أعاد أم لقاء حبائب
المستأنف من موته حتف أنفه
قال بكر بن عبد العزيز:
إنّ موت الفراش ذلّ و عار # و هو تحت السيوف فضل شريف
و قال عبد الملك الحارثي و أجاد:
و ما مات منّا سيد حتف أنفه # و لا طلّ منّا حيث كان قتيل [2]
تسيل على حدّ السيوف نفوسنا # و ليس على غير السيوف تسيل
و قال أبو فراس:
متى ما يدن من أجل كتابي # أمت بين الأسنّة و الأعنّه [3]
و قال الموسوي:
و يستحسنون الموت و الموت راحة # و أتعب ميت من يموت بداء
مخاوض الحرب مقتول لا محالة
قال تأبّط شرا:
و من يغرّ بالأعداء لا بدّ أنّه # سيلقى بهم من مصرع الموت مصرعا [4]
و قال آخر:
و من يكثر التطواف في جند خالد # لدى الروم مصبوبا عليه دروعها
[1] ضنك المقام: ضيق المقام.
[2] مات حتفا أنفه: أي مات على فراشه و ليس في الحرب و ساحة القتال.
[3] الأسنة: الرماح-الأعنة: جمع عنان و هو سير اللجام، و الموت بين الأعنة كناية عن الموت في المعركة فوق صهوة الجواد.
[4] يغرّ بالأعداء: يخدع بهم.