التصدّي للجواب لمن أمّك بالسؤال، و قال: تحت كلّ «لم» [1] أسد ملم.
نظر يزل مواقع الأقدام
و سئل الشعبي عن مسألة فقال: زيادات وبر لا تنساب، و لا تنقاد لو نزلت بأصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم لأعضلت.
الدافع باطل خصمه بحقّه
قيل: لا تدفع الباطل بالغلبة إذا أمكنك أن تدفعه بالحجّة.
و قال ابن عباس عجبا لمن يطلب أمرا بالغلبة، و هو يقدر عليه بالحجّة، فالحجّة دين يعقد به الطاعة، و سلطان الغلبة يزول بزوال القدرة.
و قال ثعلبة:
و لربّ خصم جاحدين ذوي شذا # تقذى صدورهم بهتر هاتر [2]
لقد ظأرتهم على ما ساءهم # و خسأت باطلهم بحقّ ظاهر [3]
و قال آخر:
ألا ربّ خصم ذي فنون علوته # و إن كان ألوى يشبه الحقّ باطله
و هذا معنى قول العتابي [4] : البلاغة تصوير الباطل في صورة الحقّ.
المشاغب من يشاغبه
قال أبو الأسود:
فشاغبته حتّى ارعوى و هو كاره # و قد يرعوي ذو الشغب بعد التّحامل [5]
فإنّك لم تعطف إلى الحقّ جائرا # بمثل خصيم عاقل متجاهل
و ما خصم الأقوام من ذي خصومة # كمثل بصير عالم متجاهل
القائم في المناظرة مقام الغيب
و قال شاعر:
و مشهد قد كفيت الغائبين به # في مجمع من نواصي النّاس مشهود [6]
[1] لم (هنا) : كناية عن السؤال.
[2] خصم: قد يجيء هكذا للاثنين و الجمع و المؤنث-الهتر: الكذب و الهتر (بالضم) : ذهاب العقل و الهاتر اسم فاعل من هتر (عرضه) : مزّقه.
[3] ظأره (على الأمر) : أكرهه عليه-خسأ الباطل: مرده و زجره.
[4] العتّابي: هو كلثوم بن عمرو من شعراء بغداد، و أصوله شاميّة من حلب. كان يجيد الفارسية و يذهب مذهب المعتزلة. مات سنة 208 هـ (823 م) .
[5] ارعوى: ارتدع و عاد إلى الصواب.
[6] نواصي الناس: كناية عن صفوتهم و النخبة منهم.