نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 780
دخل أبو العيناء على المتوكل فقال: هل لك في الشراب؟فقال: و من يرغب عن ملّة إبراهيم إلا من سفه نفسه.
و كان أبو نواس يقول: خمر الدنيا أجود من خمر الآخرة، و اللّه قد وصفها بأنها لذة للشاربين، فقيل: كيف هي أجود، قال: لأن اللّه تعالى جعلها نموذجا، و النموذج أبدا أجود. و قيل له: أ تشرب الخمر؟قال: نعم إذا اشترى بثمن خنزير قد سرق حتى يحرم ثلاث مرات.
قيل لثمامة: لا تشرب الخمر فإنه يزيل العقل، فقال: إنه إن زال اليوم لا يزول غدا.
باع بعض الاشراف ضيعة، فقيل له: احضر العشية للإشهاد، فقال لو كنت ممّن يصان بالعشيات لما بعت الضيعة.
و قال رجل لآخر: وجهت إليك رسولا عشية أمس فلم يجدك، فقال: هذا وقت لا أكاد أجد فيه نفسي. سئل بعضهم عن استطابة الشراب، فقال: وددت أني كنت بعوضة فأموت تحت قربة نبيذ، حتى يكون موتى في خلال نعيم. قال شاعر:
و رفض امرئ لهوا يواتيه طائعا # لآخر إن عاصاه رأي موهم
و من صارم اللذّات أو خان بعضها # ليرغم دهرا ساءه فهو أرغم
و قد وصف ذلك في وصف المدام بإزالته الغموم.
الشّارب بعد توبته و الممتنع من التّوبة عنه
كتب بعضهم إلى صديق، قد تاب من شرب النبيذ:
إن كنت تبت من الصهباء تتركها # نسكا فما تبت من بر و إحسان
تب راشدا و اسقنا منها و إن عذلوا # فيما فعلت فقل ما تاب إخواني
و قال كشاجم:
يقولون تب و الكاس في كفّ أغيد # و صوت المثاني و المثالث عالي [1]
فقلت لهم لو كنت أضمرت توبة # و عاينت هذا في المنام بدا لي
و حكى بعضهم، قال: كان لنا صديق يكثر التوبة من الشرب و العود إليه، ففارقنا يوما على أنه قد تاب فجاءنا صبيحة غداة و قد انمحت من أحد عارضيه لحيته، فقال: رأيت إبليس في منامي و هو يستعرض أصحابه فأتى به إليه بعض أعوانه، و قال قد آذاني هذا المتخلف من كثرة ما يتوب، ثم يرجع. حلّفوه على أن لا يتوب فحلفت، ثم قال: ألحسوا لحيته من جانب يكون ذلك تذكرة معه، فأصبحت على تلك الحالة.
[1] الأغيد: المائل العنق و الليّن الجوانب-المثاني و المثالث: الآيات القرآنية التي تتلى و تكرّر.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 780