و قال الصاحب: حضرت الوزير المهلبي يوما و قد جاءه خادم عمر المطيع، و في يده رقعة و فيها: غنّي لنا بيتان و هما:
عرّج على الخمر و حاناتها # و اسقنا في وسط جنّاتها
و علّل النفس و لو ساعة # فإنّما الدّنيا بساعاتها
فاجعلهما أربع أبيات، فقال لي: تفضل، فقلت:
و الرّوح في الرّاح إذا اتبعك # بهاكها يا خشف أو هاتها [1]
و قينة تسبي بأصواتها # نأخذ من أطيب أوقاتها
الحثّ على اعتبار الوقت في المسرّات دون ماضيه و مؤتنفه
قال أبو العتاهية:
ليس فيما مضى و لا في الذي لم # يأت من لذّة لمستجلبيها
إنّما أنت طول عمرك ما عمر # ت في السّاعة التي أنت فيها
و قال يزيد المهلبي:
أعجز النّاس مضيع يومه # و هو لا يعلم ما يأتي غده
و قال ابن الحجاج:
خذ الوقت أخذ اللص و اسرقه و اختلس # فوائده بالطّيب أو بالتّطايب
و لا تتعلل بالأماني فإنّها # مطايا أحاديث النّفوس الكواذب [2]
الحثّ على مبادرة الشّيب بتناول المسرّات و الخمور
قال عبد اللّه بن السمط:
بادر شبابك أن يغتاله الزّمن # و اقض ما أنت قاض و الصّبا حسن
و قال ابن الجهم:
فبادر بأيام الشّباب فإنّها # تفوت و تقضي و الغواية تنجلي
و قال أبو علي:
أعط الشباب نصيبه # ما دمت تعذر بالشّباب
و قال المتنبّي:
أنعم و لذّ فللأمور أواخر # أبدا إذا كانت لهنّ أوائل
ما دمت من أرب الحسان فإنّما # روق الشباب عليك ظلّ زائل
للهو آونة تمرّ كأنّها # قبل يزوّدها حبيب راحل
[1] الخشف: الذل.
[2] المطايا: الدواب التي تركب.