و قال البحتري:
مواهب ما تجشّمنا السؤال لها # إنّ الغمام قليب ليس يحتفر
و قال أبو تمّام:
أعطي و نطفة وجهي في قرارتها # تصونها الوجنات الغضّة القشب
لن يكرم الظّفر المعطى و إن أخذت # به الرغائب حتّى يكرم الطّلب
من يكتفي في سؤاله بالتّعريض
قال ابن الرومي:
يا من إذا التعريض صافح سمعه # أغنى العفاة به عن التّصريح
و قال المتنبّي:
و مثلك من كان الوسيط فؤاده # فكلّمه عنّي و لم أتكلّم
المغني سائله عن سؤال غيره
سئل بعض الأدباء عن جعفر بن يحيى بعد ما قتل، فقال: تركني مقطوع الآمال زاهدا بعده في طلب الأموال. قال ابن الرومي في معناه:
سألتك إغنائي عن النّاس كلّهم # فأغنيتني عنهم و عنك جميعا
لم يدعني و في يميني فضل # لندى غيره و لا في شمالي
و قال ابن نباتة:
لم يبق جودك لي شيئا أؤمله # تركتني أصحب الدّنيا بلا أمل
و لعابدة المهلبيّة:
بحمدك لا بحمد النّاس أضحى # وكيلي ليس يقنعه وكيل
و كانوا كلّما كالوا وزنّا # فصاروا كلّما و زنوا نكيل
و كنت و ناقص وزني فأضحى # مفاعيلن مفاعيلن فعول
من يصير سائله مسئولا بما يعطيه
مدح أعرابي رجلا، فقال: يعود عليه المجتدي مجديا و مستعطي رفده معطيا و المنتجع منه منتجعا. قال أبو تمّام:
و كم لحظة أهديتها لابن نكبة # فأصبح منها ذا عفاة و نائل [1]
[1] لحظة: التفاتة-ابن نكبة: المنكوب-ذو عفاة: أي معافى-النّائل: العطية.