عذر من سأل سائلا
قال ابن بابك:
إنّي إذا شئت أن أكدي # حوشيت كديت من مكد [1]
تشفعت حرمة التّساوي # و كان ردّي من التعدّي
أصبحت لا عند لي و لكن # ما عند مولاي فهو عندي
و قال آخر:
شاعر يطلب رزقا # من أخي شعر مكد
جعل الريح إلى الر # يح فتى يطلب رفدي [2]
إنّ ذا عندي بديع # خاض فيه النّاس بعدي
و قال أبو تمّام:
و مفحم يأخذ من شاعر [3]
التّحذير من سؤال اللئام
قال أعرابي: أشدّ الأشياء مئونة إخفاء الفاقة و أشدّ من ذلك السؤال إلى من لا يجبرها.
قال أعرابي لصاحبه: نهيتك عن مسألة قوم أرزاقهم في ألسنة الموازين و رءوس المكاييل، فمن جعل صرما له من الدوانيق فعطيّته لا تكون فوق القراريط.
و قال آخر: نهيتك أن تريق ماء وجهك بسؤال من لا ماء في وجهه. لا شيء أوجع للأحرار من الاضطرار إلى مسألة الأشرار.
و قيل: لحيي المدينية: ما الداء العياء؟فقالت: حاجة الكريم إلى لئيم لا يجدي عليه. و قال خالد بن صفوان: أشد من فوت الحاجة طلبها إلى غير أهلها.
و قال الأعشى:
حسب الكريم مذلّة و نقيصة # أن لا يزال إلى لئيم يرغب
و إني لأرثي للكريم إذا غدا # على حاجة عند اللئيم يطالبه
و قال البديهي:
و من الذلّ و البلاء إذا اضط # رّ كريم إلى سؤال لئيم
و من طلب الحاجات في دون أهلها # يجد دونها بابا من اللؤم مغلقا
[1] أكدي: استعطى-المكدي: البخيل، و المستعطي.
[2] رفدي: عطائي.
[3] المفحم: المسكت بالقول.