و لعابدة المهلبية:
لا تسألنّ المرء ذات يديه # فيحقّرنّك من رغبت إليه
المرء ما لم ترزه لك مكرم # فإذا رزأت المرء هنت عليه [1]
و قال آخر:
استغن ما استطعت عن أخيك و لو # أعشب كلّ البلاد عن مطره [2]
و قيل: إياك و المسألة فإنها آخر كسب المرء.
قال أحدهم:
و ذقت مرارة الأشياء جميعا # فما طعم أمرّ من السؤال
ذلّ السؤال و ثقل الشّكر ما اجتمعا # إلا أضرّا بماء الوجه و البدن
و قال المخزومي:
ما أبعد المكرمات عن رجل # على نوال الرّجال يتّكل
إن السّؤال يريد وجه حديد
و مما يدخل في هذا الباب قول النبي صلّى اللّه عليه و سلم: ما أتاك من هذا المال و أنت غير مشرف عليه و لا سائل فخذه و مالا فلا تتبعه نفسك.
النّهي عن سؤال من تعوده
.
قال شاعر:
فإن كنت لا بدّ مستطعما # فمن غير من كان يستطعم [3]
و لا تطلبنّ المال ممّن أفاده # حديثا و من لم يورث المال وارثه [4]
و قيل: إدخالك اليد في فم التنين أسهل من سؤال دنيء تعوّد المسألة.
إذا ما طلبت نوال الفتى # و قد نالك الدهر من شدّه
فلا تسألنّ فتى كالحا # أصاب الرئاسة من كدّه [5]
[1] ترزه: تقبل برّه-رزأت: أصبت شيئا من ماله فنقص.
[2] أعشب: أصاب العشب و هنا بمعنى الرزق.
[3] استطعم: أدرك طعم الشيء، و المستعصم: الطالب منه أن يطعمه.
[4] أفاد المال حديثا: أي هو حديث النعمة.
[5] من كده: من تعبه أو بعد تعب.