و مثلك ليس يجهل حقّ مثلي # و مثلي لا تضيعه الكرام
(2) و ممّا جاء في السؤال
الاستغناء باللّه عن الناس
قال أعرابي: اطلب الرزق من حيث كفل لك فالمتكفل به أمين، و لا تطلبه من طالب مثلك لا ضمان لك عليه.
و شكا رجل ضيقا، فقال له الحسن: شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك.
و قال هشام لرجل في بيت اللّه: سلني، فقال: لا أسأل في بيت اللّه غيره.
و قال شاعر:
لا تسل النّاس و سل من أنت له
و سأل بعض الزهّاد صديقا له شيئا لشدة الأمر به، فأعطاه صديقه و قال: يا أخي في ثقتك بحسن عائدة اللّه عليهم كفاية لهم، فقال: لا حاجة لي بالمال فقد استغنيت بهذا المآل.
التّحذير من سؤال الناس
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: المسألة كدوح أو خدوش أو خموش في وجه صاحبها. و قال صلّى اللّه عليه و سلم:
إن أحدكم يخرج بمسألة من عندي متأبطا و ما هي إلا النار، فقال عمر رضي اللّه عنه: و لم تعطيه و هي له نار، فقال: يأبون، إلا أن يسألوا و يأبى اللّه لي البخل.
و قيل: إياك و طلب ما في أيدي الناس فإنه فقر حاضر. قال ابن المقفع: السخاء سخاءان سخاؤك بما في يدك و سخاؤك بما في يد غيرك و هو أمحض في الكرم و أبعد في الدنس، و من جمعهما فقد استكمل الفضل. و قيل: من لم يستوحش من ذلّ السؤال لم يأنف من ذلّ الردّ. و قيل: جلّ في عينك من استغنى عنك، قال:
متى ترغب إلى النّاس # تكن للنّاس مملوكا
و قال آخر:
إنّ الغنى عن لئام النّاس مكرمة # و عن كرامهم أدنى إلى الكرم