الرّاغب عن كلّ نعمة دون بلوغ مجتداه
و قال طريح:
قصدتك عاريا من كلّ منّ # لكل الخلق في كلّ المعاني
فلو دنياي قابلني غناها # بغيرك ما ثنيت لها عناني [1]
و قال سعد بن ضمضم:
أظل أدعو باسمه و دونه # قوم كرام رغبة تركتهم
تخيّروا فاخترته عليهم # و ما بهم بأس و لا ذممتهم
و قال ابن الرومي:
جعلت على ملوك الأرض طرّا # محار مطيّتي و عليه حبسي [2]
و قال المتنبّي:
قواصد كافور توارك غيره # و من ورد البحر استقلّ السواقيا [3]
فجاءت بنا إنسان عين زمانه # و خلّت بياضا خلفها و مآقيا
فتأتّى له أجود معنى بقوله إنسان عين زمانه لجودة المعنى، ثم لموافقة كون ممدوحه أسود، و له يخاطب ناقته:
أمّي أبا الفضل المبرّ أليّتي # لأيمّمنّ أجلّ بحر جوهرا [4]
تركت دخان الرمث في أوطانها # طلبا لقوم يوقدون العنبرا [5]
و مثله للأسدي:
إليك أمير المؤمنين رحلتها # من الطلح تبغي منبت الزرجون [6]
و قال الموسوي:
أتيت و في كفّي خطام نجيبة # مدفّعة في كلّ قرب إلى بعد [7]
فما خدعتها روضة عن مسيرها # و لا لمع معسول تطلع من ورد [8]
إذا لحظت ماء جذبت زمامها # و قلت ارغبي بالقل عن مورد ثمد [9]
[1] ما ثنيت له عناني: ما قضيت حاجتي منه.
[2] محار مطيتي: منسم الجمل-حبسي: امتناعي عنه.
[3] و في رواية: و من قصد البحر...
[4] أمّي: أي أقصدي-الأليّة: اليمين-و برّ في قوله: صدق.
[5] الرمث: شجر يشبه الغضى-يقول: تركت الأعراب و وفودهم و أتت قوما يوقدون العنبر، يعني قوم الممدوح.
[6] الطلح: شجر عظام ذات شوك-الزرجون: شجر العنب.
[7] خطام نجيبة: حبل ناقة كريمة.
[8] المعسول: تحرك الماء و اضطرابه-تعشو إلى النار: تراها من بعيد فتقصدها.
[9] المورد الثمد: الماء القليل.