نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 618
و لا بد فثم حجّام حلق رأسي و لم يكن معي شيء فادفعه إليه، قال: فقصدت الحجام فامتنع من أخذه، فقلت: هو ألف دينار، فقال: ما حلقت رأسه إلا للثواب فلا آخذ عليه أجرة. قال: فعدت و ما وجدت أكرم منهما و أهون منّي، فأخبرت الرشيد بأمرهما فبعثني في طلبهما فكأن الأرض ابتعلتهما و لم أظفر بهما.
و لما حجّ الرشيد دخل على الفضيل فوعظه بما وعظه، و أراد الخروج، فقال: يا فضيل هل عليك دين؟فقال: نعم، دين ربي لو يحاسبني عليه. فالويل لي إن حاسبني عليه، و الويل لي إن ناقشني، فقال الرشيد: إني أسألك عن دين العباد، فقال: عندنا بحمد اللّه خير كثير لا نحتاج معه إلى ما في أيدي الناس، قال: هذه ألف دينار فاستعن بها، فقال: يا حسن الوجه أدلك على النجاة و تكافئني بالهلاك، اسأل اللّه التوفيق فلما خرج عاتبته بنيّته، فقالت: لو أخذتها فاستعنا بها، فقال: إن مثلي و مثلكم مثل قوم كان لهم بعير يكدونه و يأكلون من كسبه فلما كبر و سقط عن العمل نحروه فأكلوه.
و مر الإسكندر ببلد كان ملكه سبعة ملوك من صلب واحد ففنوا، فقال لأهله: هل بقي من نسل الأملاك السبعة أحد؟قالوا: نعم، رجل يكون في المقابر فقصده، و قال: ما دعاك إلى ملازمة المقابر؟فقال: أردت أن أعزل عظام الملوك من عظام عبيدهم فوجدت عظامهم سواء. قال: فهل لك أن تتبعني فأحيي لك شرف آبائك إن كان لك همّة، قال: إن همتي عظيمة إن كانت بغيتي عندك، قال: و ما بغيتك؟قال: حياة لا موت فيها و شباب لا هرم معه، و غنى لا فقر بعده، و سرور لا يغيره مكروه، فقال: لا أقدر على ذلك، فقال:
امض لشأنك و دعني أطلب بغيتي ممّن عنده ذلك. قال الإسكندر: هذا أحكم من رأيت.
وقف أعرابي على محمد بن معمر، و كان محمد جوادا، فسأله، فخلع خاتمه و دفعه إليه، فلما ولّى قال: يا أعرابي لا تخدعنّ عن هذا الفصّ فإن شراءه على مائة دينار، فمضغ الأعرابي الخاتم و قلع فصه، و قال دونكه فالفضة تكفيني أياما، فقال: هذا و اللّه أجود مني.
التّحذير من مخالطة الأغنياء
قال أبو الدرداء عن النبي عليه الصلاة و السلام: إياكم و مجالسة الأموات، قالوا و من الأموات؟قال: الأغنياء و قال الثوري: إياكم و جيران الأغنياء و قراء الأسواق و علماء الأمراء. و قال خباب في قول اللّه تعالى و لا تعد عيناك عنهم، نزلت في الفقراء.
و قال عمر رضي اللّه عنه: لا تدخلوا بيوت الأغنياء فإنها مسخطة للرزق. و قال سوار لأولاده: لا تعاشروا المهالبة فإنكم إذا رأيتم نعمتهم تسخطتم ما قسم لكم.
و قيل: لا تصحب غنيا فإنك إن ساويته في الإنفاق أضرّ بك و إن تفضّل عليك استذلّك.
و وقف بعض المجانين على قوم لهم بعض يسر، فقال:
سلامة الدّين و الدّنيا فراقكم # و حبّكم آفة الدّنيا مع الدين
و جاء أبو محمد السمرقندي إلى الفضيل، و معه أولاد البرامكة و عليهم قمص لها
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 618