نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 514
و أجد نجوي [1] أكثر من رزي [2] ، فما بقاء للشيخ على ذلك.
و قيل:
و لا بدّ من شكوى إذا لم يكن صبر
حمد شكوى العلّة
قال بعضهم: دخلت على سفيان و هو عليل فقال: أشتكي كذا و بت البارحة بكذا، فقلت أ ما تخشى أن تكون هذه شكاية من اللّه؟فقال: أنا أذكر قدرته عليّ. و لما مرض أمير المؤمنين دخل إليه الناس فقالوا: كيف تجدك، قال: بشرّ، قالوا: أ هذا كلام مثلك، قال أجل إن اللّه تعالى يقول: وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ اَلْخَيْرِ فِتْنَةً[3] فالخير الصحة و الشر المرض.
و قيل: الشكوى تخفف الهم و تزيل الألم. و قيل لآخر: ما تشكو، فقال: تمام العدة و انقضاء المدة. و وجه المتوكل إلى الجاحظ يدعوه، فقال: ما يصنع أمير المؤمنين بشخص ليس بطائل ذي شق مائل و لعاب سائل و فرج مائل و عقل حائل.
شكوى العلّة
قال المأمون لابنه العباس و قد شكا إليه وجعا في بطنه: يا بني إنك لا تجد مواساة في عرض ما تجده في بدنك و لا يشركك فيه صديقك فلا تشمتن به عدوك. و قال بعضهم لمن يشكو: أ تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟. و قيل لسعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، و هو مريض: إن المريض يتفرج إلى الأنين و إلى أن يصف ما به إلى الطبيب، فقال: أما الأنين فو اللّه إنه لجزع و عار و لا يسمع اللّه منّي أنيني فأكون عنده جزوعا، و أما الطبيب فو اللّه لا يحكم غير اللّه في نفسي فإن شاء قبضها إليه و إن شاء منّ بها عليّ.
فضل الصحّة و العافية
قيل: شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما الشباب و العافية. و قيل: لا يعرف طعم العافية إلا من نالته يد العلة و لا طعم الرخاء من مسته يد البلاء. و قيل: الدنيا بحذافيرها الأمن و العافية لا تزال غنيا ما دمت سويا.
نفع المرض
اعتلّ الفضل بن سهل بخراسان ثم برأ فجلس للناس، فهنئوه بالعافية و تصرّفوا في فنون الكلام، فلما فرغوا، أقبل على الناس، فقال: إنّ في العلل نعما ينبغي للعاقل أن يعرفها: تمحيص الذنب و التعرّض للثواب، و الإيقاظ من الغفلة و الإذكار بالنعمة في حال الصحة، و الاستدعاء للتوبة و الحضّ على الصدقة. و في قضاء اللّه و قدره الخيار.