نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 46
الحثّ على نصيحة مستشيرك
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: إن الرجل لا يزال يزاد في صحة رأيه ما نصح مستشيره، فإذا غشّ مستشيره سلبه اللّه صحّة رأيه.
و لمّا أصاب زيادا الطاعون في يده أحضر له الأطباء فدعا شريحا فقال له: لا صبر لي على شدّته و قد رأيت أن أقطعها فقال شريح: أ تستشيرني في ذلك؟قال: نعم، فقال: لا تقطعها فالرزق مقسوم و الأجل معلوم و أنا أكره أن تقدم على ربّك مقطوع اليد، فإذا قال لك: لم قطعتها؟قلت: بغضا للقائك و فرارا من قضائك. فمات زياد من يومه. فقال:
الناس لشريح: لم نهيته عن قطعها؟فقال: استشارني و المستشار مؤتمن و لو لا الأمانة لوددت أن أقطع يده يوما و رجله يوما.
و قال يحيى: لا تشيرنّ على عدوّك و صديقك إلا بالنصيحة، فالصديق يقضي بذلك حقّه، و العدوّ يهابك إذا رأى صواب رأيك.
من يجب أن يشار عليه إذا استشار
قيل: لا تشر على مستبدّ و لا على وغد [1] ، و لا على لحوح [2] ، و لا معجب، و لا على متلوّن، و خف اللّه في موافقة المستشير، فالتماس موافقته لؤم و سوء الاستماع منه خيانة.
و قيل: من طلب الرخص من الإخوان عند المشاورة، و من الأطباء عند المرض، و من الفقهاء عند الشبه، فقد خدع نفسه.
من ضرب لمستشيره مثلا صمم في مشورته
شاور المنصور سلم بن قتيبة في قتل أبي مسلم صاحب الدولة فقال: لو كان فيها آلهة إلا اللّه لفسدتا فقال عيشك، و استشار فيه آخر فقال: و لن يجمع السيفان ويحك في غمد.
و استشار معاوية الأحنف في بيعة يزيد فقال الأحنف: أنت أعلم بليله و نهاره و سرّه و إجهاره، فإن كنت تعلمه للّه رضا و للأمة صلاحا، فلا تشاور فيه أحدا. و إن كنت تعلم غير ذلك فلا تزوّده الدنيا و أنت صائر إلى الآخرة، و إنما علينا أن نقول سمعنا و أطعنا.
الممدوح بأنّه مستشار
و قالت امرأة من أياد:
المستشار لأمر القوم يجزئهم # إذ الهنات أهمّ القوم ما فيها
و قال أبو تمّام:
يطول استشارات التجارب رأيه # إذا ما ذوو الرأي استشاروا التجاربا