responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 47

الرغبة في الاستبداد بالرأي‌

قال بعض الحكماء: ما استشرت أحدا قط إلا تكبّر عليّ و تصاغرت‌ [1] له و دخلته العزّة و أدركتني الذلّة. و إيّاك و المشورة و إن ضاقت بك المذاهب.

و كانت الفرس و الروم مختلفين في الاستشارة.

فقالت الروم: نحن لا نملك من يحتاج أن يستشير، و قالت الفرس نحن لا نملك من يستغني عن المشاورة و فضل الفرس لقوله تعالى: وَ شََاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ [2] و ما زال المنصور يستشير أهل بيته حتى مدحه ابن هرمة بقوله:

يزرن امرأ لا يصلح القوم أمره # و لا ينتحي الأدنين فيما يحاول‌

فاستوى جالسا و قال: أصبت و اللّه. فما استشار بعد ذلك.

و قال بعض جلساء هارون‌ [3] : أنا قتلت جعفر بن يحيى، و ذلك أني رأيت الرشيد يوما و قد تنفس تنفسا، مفكرا فانشدت في أثره:

و استبدّت مرّة واحدة # إنما العاجز من لا يستبدّ [4]

فاصغى إليه و استعاده‌ [5] ، فقتل جعفرا بعد عن لبث.

و قال المهلّب: لو لم يكن في الاستبداد بالرأي إلا صون السر، و توفير العقل لوجب التمسك بفضله.

المتفادي من أن يستشار

استشار عبد اللّه بن عليّ عبد اللّه بن المقفّع، فيما كان بينه و بين المنصور، فقال:

لست أقود جيشا و لا أتقلّد حربا و لا أشير بسفك دم و عثرة الحرب لا تستقال، و غيري أولى بالمشورة في هذا المكان.

و استشار زياد رجلا فقال: حق المستشار أن يكون ذا عقل وافر و اختبار متظاهر و لا أراني هناك.

و اجتمع رؤساء بني سعد إلى أكثم بن صيفي‌ [6] يستشيرونه فيما دهمهم من يوم


[1] تصاغرت له: تذلّلت له و عظمت أمره.

[2] القرآن الكريم: آل عمران/159.

[3] هارون: أي الخليفة العبّاسي هارون الرشيد.

[4] هذا البيت من قصيدة لعمر بن أبي ربيعة و مطلعها:

ليت هندا أنجزتنا ما تعد # و شفت أنفسنا ممّا تجد

و استبدت مرّة واحدة # إنما العاجز من لا يستبد

و واضح أن هارون الرشيد تلمّس الحكمة في قول عمر و سارع إلى قتل جعفر.

[5] استعاده: عاود سماعه.

[6] أكثم بن صيفي: أحد حكماء العرب المشهورين و كان يكثر في كلامه من ضرب الأمثال. وصف بالدراية و سداد الرأي و نصاعة الحجّة.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست