نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 453
التحذير ممّن يمدحك في وجهك تصنّعا
قيل: أعوذ باللّه من صديق يطري و جليس يغري. و كان رجل يكثر الثناء على أمير المؤمنين علي رضي اللّه تعالى عنه، و علم من قلبه خلاف قوله، فقال له: أنا دون ما تقول و فوق ما في نفسك. قال الجاحظ: شر الشكر ثناء المواجه لك المسرف في مدحك و خيره ثناء الغائب عنك المقتصد في وصفك.
وصف العتابي رجلا بالمداهنة، فقال: ذلك إن وجد مادحا مدح و إن وجد قادحا قدح و إن استودع سرا افتضح.
قال أبو فراس:
و لا تقبلنّ القول من كل قائل # سأرضيك مرأى لست أرضيك مسمعا
التحذير ممّن يتجاوز الحدّ في مدحك
قيل: كن ممن أفرط في تزكيتك أحذر ممن أفرط في الزراية بك. و قيل: من مدح الرجل بما ليس فيه فقد بالغ في ذمه. و في المثل: من حفنا أو رفنا فليقتصد. و قيل: من أحب أن يمدح بما ليس فيه استهدف للسخرية.
من وضع نفسه و كره الثناء
لما ولي أبو بكر رضي اللّه عنه خطب فقال: إني وليتكم و لست بخيركم فلما بلغ الحسن قوله قال: بلى و لكن المؤمن يهضم نفسه. و قال الفضيل: لو شممتم رائحة الذنوب مني ما قربتموني، و أثنى على زاهد فقال: لو عرفت مني ما عرفت من نفسي لأبغضتني.
كان أبو بكر رضي اللّه تعالى عنه يقول إذا مدح: اللهم أنت أعلم مني بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يحسبون و اغفر لي ما لا يعلمون و لا تؤاخذني بما يقولون. و قيل لأعرابي: ما أحسن الثناء عليك، فقال: بلاء اللّه عندي أحسن من وصف المادحين و إن أحسنوا و ذنوبي إلى اللّه أكثر من عيب الذامين و إن أكثروا.
النهي عن المدح قبل الاختبار
قيل: لا تهرف قبل أن تعرف. و قيل: لا تحمدنّ أمة عام شرائها و لا حرة قبل بنائها.
و قال رجل لعمر رضي اللّه عنه: إن فلانا رجل صدق فقال: هل سافرت معه أو ائتمنته، قال
[1] أي لأنه لا يحب نشر فضائله بين الناس، كما لا يحب الحاسد نشر فضائل المحسود.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 453