نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 454
لا. فقال: إذا لا تمدحه فلا علم لك به لعلك رأيته يرفع رأسه و يخفضه في المسجد [1] .
عتب من يمدح نفسه
قيل: خطب معاوية خطبة حسنة فقال: هل من خلل فقال رجل: من عرض الناس خلل كخلل المنخل فاستدعاه، و قال: ما ذاك الخلل فقال: إعجابك به و مدحك له. و قيل لحكيم: ما الذي لا يحسن و إن كان حقا قال مدح الرجل نفسه.
و قال معاوية لرجل: من سيد قومك فقال: أنا، فقال له: لو كنت كذلك لم تقله.
و سئل الشاعر الأهوازي كيف أصبحت؟فقال: أصبحت و اللّه أظرف الناس و أشعر الناس و آدب الناس، فقال السائل: اسكت حتى يقول الناس ذلك، فقال: أنا منذ ثلاثين سنة انتظر الناس و ليسوا يقولون و مدح أعرابي نفسه فعوتب في ذلك، فقال: أكله إليكم إذا لا تقولون أبدا.
الرخصة في ذلك
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: أنا سيد العرب و لا فخر. و حكى اللّه تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام أنه قال: إني حفيظ عليم و لم يستقبح ذلك من الشعراء، إذ قالوه نظما.
عذر من يحوج إلى مدح نفسه و من عرّض بذلك
قد أحسن ابن الرومي في ذلك حيث يقول:
و عزيز عليّ مدحي لنفسي # غير أني جشّمته للدّلاله [2]
و هو عيب يكاد يسقط فيه # كلّ حرّ يريد يظهر حاله
و وصف للمنصور مشير بن ذكوان فأمر بإشخاصه إليه، فلما دخل قال له: أ عالم أنت؟فقال: أكره أن أقول نعم و فيه ما فيه أو أقول لا فأكون جاهلا، فأعجب المنصور بجوابه و ألزمه المهدي. و سأل المأمون عبد اللّه بن طاهر عن ابنه، فقال ابني: إن مدحته ذممته و إن ذممته ظلمته إلا أنه نعم الخلف لسيده من عبده إذا اخترمته منيته.
من عجز الشعراء عن استيعاب مدحه
قال المالكي:
جهدت و لم أبلغ مداك بمدحة # و ليس مع التقصير عندي سوى العذر
و في شعر آخر:
و ليس على من كان مجتهدا عتب
[1] يرفع رأسه و يخفضه في المسجد أي لا يعني أنه يقول الصدق.