نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 299
قال المتنبّي:
و أطمع عامر البقيا عليها # و ترّفها احتمالك و الوقار [1]
وصف الحلم بأنه مضرّ مذلّل
قيل: الشهرة بالملاينة و الخير شرّ من الاشتهار بالغلظة و الشر لأن من عرف بالخير اجترأ عليه الناس، و من عرف بالشّر هابه الناس و تجنّبوه. و قيل: آفة الحلم الذلّ و قيل للأحنف: ما الحلم؟فقال: الرضا بالذل.
كون الحلم مغريا
قال معاوية: ما ولدت قرشية خيرا منّي فقال ابن زرارة الكلابية: بل ما ولدت شرّا لهم منك فقال: كيف؟قال: لأنك عودتهم عادة يطلبونها ممّن بعدك فلا يجيبونهم إليها فيحملون عليهم كحملهم عليك، و كأنّي بهم كالزقاق [2] المنفوخة على طرقات المدينة.
و قال الأحنف لرجل: ليت طول حلمنا عليك لا يدعو جهل غيرنا إليك.
النهي عن إكرام اللئام
قال يزيد بن معاوية لأبيه: هل ذممت عاقبة حلم؟قال: ما حلمت عن لئيم و إن كان وليا إلا أعقبني ندما، و لا أقدمت على كريم و إن كان عدوا إلا أعقبني أسفا. قال شاعر:
متى تضع الكرامة في لئيم # فإنّك قد أسأت إلى الكرامة
و قد ذهبت صنيعته ضياعا # و كان جزاء فاعلها النّدامه [3]
و قيل: الكريم يستصلح بالكرامة و اللئيم بالمهانة.
قال المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته # و إن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا [4]
فوضع الندى في موضع السيف بالعلى # مضرّ كوضع السيف في موضع النّدى
و قيل: استعمال الحلم مع اللئيم أضر من استعمال الجهل مع الكريم.
الاستخفاف بمن لا يصلحه الإكرام
إذا لم تنفع الكرامة فالإهانة أحزم. و قيل: من لا يصلحه الطالي أصلحه الكاوي من
[1] عامر: قبيلة عامر-البقيا عليهم: أي الإبقاء-ترّفها: جعلها مترفة و في رواية: نزّقها أي جعلها خائشة.
[2] الزقاق: جمع زقّ و هو جلد يجزّ و لا ينتف و يستعمل لحمل الماء.