أكرموا سفهاءكم فإنهم يكفونكم النار و العار، و بينما ابن عمر رضي اللّه عنهما جالس إذ أقبل أعرابي فلطمه فقام إليه رجل فجلد به الأرض، فقال ابن عمر: ليس بعزيز من ليس في قومه سفيه. و قيل: اجعل لكلّ كلب كليبا يهرّ دونك، فالعرض يصان بمثل سفيه يصول [2] و حاد يقول:
لا بدّ للسؤدد من أرماح # و من سفيه دائم النباح
قال الأحنف:
و من يحلم و ليس له سفيه # يلاقي المعضلات من الرّجال
و قال آخر:
و لا يلبث الجهّال أن يتهضّموا # أخا الحلم ما لم يستعن بجهول
الرخصة في عقاب المجرم و الحثّ عليه
قال اللّه تعالى: وَ لَكُمْ فِي اَلْقِصََاصِ حَيََاةٌ يََا أُولِي اَلْأَلْبََابِ[3] و قال: فَمَنِ اِعْتَدىََ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدىََ عَلَيْكُمْ[4] ، و جاء أعرابيّ إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما فقال:
أ تخاف عليّ جناحا إن ظلمني رجل فظلمته؟فقال ابن عباس: و إن تعفوا أقرب للتقوى و لمن انتصر بعد ظلمه، فأولئك ما عليهم من سبيل.
و قال الشعبي: يعجبني الرجل يكافئ بالسيئة السيئة، فإذا سيم هوانا [5] أبت له الأنفة إلا المكافأة. فبلغ قوله الحجّاج فقال: للّه درّه [6] . أيّ نفس بين جنبيه. و قال الجاحظ: من قابل الإساءة بالإحسان فقد خالف الربّ في تدبيره، و ظنّ أن رحمته فوق رحمة اللّه تعالى و الناس لا يصلحون إلا على الثواب و العقاب.
[1] أنجع: أنفع، و نجع نجوعا الطعام أي استمرأه آكله و صلح عليه فالطعام الصالح هو الذي ينجع عليه و به.
[2] يصول: صال يصول صولا و صولة: واثب، سطا عليه، الصولة: السطوة.