و لم يرض فهو جبار، و قيل: من لم يغضب من الجفوة لم يشكر أخا النعمة. و قيل: فلان يملك حالتيه أي غضبه و رضاه.
الحثّ على ترك الغضب المؤدّي إلى الاعتذار
قال حكيم: إياك و عزة الغضب فإنها تصير [1] بك إلى ذلّ الاعتذار.
قال الشاعر:
و لا تحكم من بعض الأمور تعزّزا # فقد يورث الذلّ الطويل تعزّز
و قال آخر:
و لربّ ممتعض هو المتذلّل [2]
متى ترد الشفاء لكل غيظ # تكن مما يغيظك في ازدياد
سرعة الغضب و بطؤه
قيل: أسرع الناس رضا أسرعهم غضبا، كالحطب أسرعه خمودا أسرعه وقودا.
و كان بعض الناس يقول: أعوذ بك من غضب من لا يكاد يغضب، و أعوذ بك من غضب امرأة قادرة و ذي قوة قاهرة.
الحثّ على ملأمة النّاس
قال أبو العتاهية [3] :
ساهل النّاس إذا ما غضبوا # و إذا عزّ أخوك فهن
قال محمود الورّاق:
دار الصديق إذا استشاط تغضّبا # فالغيظ يخرج كامن الأحقاد [4]
و لربّما كان التغضّب باحثا # لمثالب الآباء و الأجداد
النّهي عن مراجعة السفيه و مدح فاعل ذلك
قال اللّه تعالى: وَ إِذََا خََاطَبَهُمُ اَلْجََاهِلُونَ قََالُوا سَلاََماً [5] قال الشاعر:
لا ترجعنّ إلى السّفيه خطابه # إلا جوّاب تحيّة حيّاكها
فمتى تحرّكه تحرّك جيفة # تزداد نتنا ما أردت حراكها
[1] تصير بك: تؤدي بك، توصلك.
[2] الممتعض: الساخط غير الراضي، من الامتعاض و هو عدم الرضى.
[3] أبو العتاهية: إسماعيل بن القاسم (748-825) شاعر مكثر سهل الأسلوب. نشأ في الكوفة و كنّي بأبي العتاهية نسبة إلى المجون و التعته. أغلب شعره في الزهد مع حرصه الشديد على المال.
[4] كامن الأحقاد: ما كان خفيا و متسترا فيها.
[5] القرآن الكريم: الفرقان/63.