نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 246
حثّ الحاكم على الاجتهاد
قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: بم تحكم؟قال: بكتاب اللّه تعالى. قال:
فإن لم تجد فيه، قال: بسنة رسول اللّه، قال: فإن لم تجد فيها. قال: أجتهد برأيي. و أراد معاوية رضي اللّه عنه أن يستعمل عبد الرحمن بن خالد فقال: كيف تعمل؟قال: اعمل برأيك ما لم يجاوز الحزم فإن جاوزه عملت برأيي، فولاّه.
حثّ الحاكم على الصّلح فيما يشتبه
كتب عمر رضي اللّه عنه، إلى معاوية: عليك بالصلح ما لم يبن فيه فصل القضاء، و كتب إلى أبي موسى الأشعري: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا. و صالح ابن الزيات عاملا على مال فطالبه به فقال: أظلم و تعجيل؟فقال ابن الزيات: أصلح و تأجيل؟
من قطع الحكومة بالتهوّر
ولي أعرابيّ ناحية فخطب: ألا أني لا أوتي بظالم و لا مظلوم إلا أوجعتهما عقوبة، فتعاطى رعيته بينهم الأنصاف و لم يترافعوا إليه في حق و لا باطل حذرا من عقوبته، و كان بعض الولاة إذا اشتبه عليه حكم، حبس الخصمين حتى يصطلحا. و يقول: دواء اللبس [1] الحبس.
من عارض الحاكم في حقّ ادعاه عليه حتى أدركه منه
قال ابن الزيات [2] لرجل ادعى عليه في مجلس الحكم و قال: غصبني وكيلك ضيعة لي و حازها إلى أرضك. فقال ابن الزيات: تحتاج فيما تقوله إلى شهود و بينة و أشياء كثيرة.
فقال الرجل: الشهود هي البينة و أشياء كثيرة هي منك فأمر برد ضيعته، و ناظره رجل في شيء فقال له: أخرج من داري. فقال: ما هي بدارك إنما هي دار أمير المؤمنين و أنت عبده فقال: نعم هي لأمير المؤمنين فأخرج منها صاغرا [3] ، فقال الرجل: قد بذلها أمير المؤمنين للعامة و جعلها مجمع الخصوم و منصف المظلوم فلا أبرح إلا بنصفة، فقال:
صدقت و أنصفه.
و تظلّم رجل من وكيل كسرى بأنه أخذ ضيعة له فقال له كسرى: قد أكلت ارتفاعها أربعين سنة فدعه يأكله سنتين، فقال الرجل: فسلم ملكك إلى بهرام [4] جور يأكله سنة فقد أكلته سنين كثيرة، فأمر بضرب رقبته فقال: أيها الملك دخلت بمظلمة و أخرج بمظلمتين فأمر برد ضيعته و أرضاه، و ادعى رجل على آخر بحضرة قاض فطالبه بالشاهدين و قال:
[1] اللبس: الشبهة و عدم الوضوح، و اللبس: اختلاط الظلام و اللبس أيضا الثوب.
[2] ابن الزيات: محمّد (ت 847) أديب و شاعر، و كان وزير المعتصم و الواثق العباسيّين. حمل على المتوكل فانتقم منه هذا بعد توليه الخلافة. له ديوان.