responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 245

الخصمين و كان أبان يقلّل من الكلام فقيل له في ذلك: فقال: إنّ من كان كلامه حكما فحق عليه أن يتبلم‌ [1] و لا يتكلّم إلا فيما يعنيه.

من استعمل دهاء في أمر

أودع رجل آخر مالا و حج، فلما رجع طلبه منه فجحده، فأتى إياسا [2] فأخبره فقال له إياس: هل علم أنك أتيتني؟قال: لا قال: فانصرف و اكتم أمرك و عد إليّ بعد يومين. فدعا أياس المودع و قال له: قد حضر مال و أريد أن أدفعه إليك فحصّن منزلك و أحضر قوما ثقات يحملونه. و دعا أياس صاحب المال فقال له: امض إلى صاحبك و اطلب منه المال و قل له: إن لم تردّه شكوتك إلى القاضي. فذهب الرجل و طلب ماله فرده عليه فأخبر إياسا بذلك فضحك، و اختصم رجلان إلى القاضي شريح في ولد هرة فقال أحدهما: هي ابنة هرتي، و قال الآخر:

كذلك، فقال شريح: ضعوها قدامها فأيهما هرت و ازبأرّت‌ [3] و فرّت فليست لها و أيهما قرّت و اسبطرّت‌ [4] فهي لها فقرت إحداهما فدفعها إليه.

من لا يغضي‌ [5] في الحكم على حقّ‌

أتى المأمون برجل وجب عليه حدّ، فأمر بضربه فقال: قتلت. قال: الحق قتلك.

قال: ارحمني، قال: لست بأرحم ممّن أوجب الحدّ عليك.

و قال خالد بن صفوان لبعض الولاة: جزاك اللّه خيرا فقد سوّيت بين الناس حتى كأنّك من كل أحد و كأنك لست من أحد. و قال بعضهم: غصبني بعض قواد الأتراك ضيعة أيام المعتز [6]

فتظلّمت فلم ينصفني فلمّا ولي المهتدي جلس يوما للمظالم فتظلمت إليه فأحضر خصمي فقضى لي عليه، فقلت: جزاك اللّه خيرا فأنت كما قال الأعشى:

حكّمتموه فقضى بينكم # أبلج مثل القمر الزاهر [7]

لا يأخذ الرشوة في حكمه # و لا يبالي غبن الخاسر

فقال: أمّا شعر الأعشى فلا أدري و لكني قرأت قوله تعالى: وَ نَضَعُ اَلْمَوََازِينَ اَلْقِسْطَ لِيَوْمِ اَلْقِيََامَةِ [8] فبكى أهل المجلس كلّهم.


[1] تبلّم: يقال تبلّمه: قبّحه.

[2] إياس (هنا) : هو قاضي البصرة إياس بن معاوية المزني (ت 122 هـ/739 م) اشتهر بعدله.

[3] ازبأرت: خافت.

[4] اسبطرّت: امتدت و اضطجعت.

[5] يغضي: يسكت-أغض عينه: طبق جفنيها من لا يبصر، و أغضى اللّيل: أظلم.

[6] المعتز: المعتز باللّه عمر بن المتوكل الخليفة العباسي (252-255 هـ/866-869 م) عزله القادة الأتراك و قتلوه.

[7] يصف الأعشى في هذين البيتين حاكما عادلا ناصع الجبين لا تأخذه في الحق لومة لائم.

[8] القرآن الكريم: الأنبياء/47.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست