نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 247
مالك سبيل إلى ما تدعيه إلا بشاهدين، فقال الرجل: متمثلا بهذا البيت:
و بايعت ليلى في خلاء و لم يكن # شهودي على ليلى عدول مقانع
فتلطف القاضي في أخذ إقرار المدعي عليه و ألزمه الحقّ.
من انقاد للحكم من السّلاطين
قد تقدم خبر عمر مع أبيّ ابن كعب رضي اللّه عنهما و كان عليّ رضي اللّه عنه تحاكم مع رجل، فشهد له قنبر، فقال شريح: يا أمير المؤمنين خادمك و في عداد عيالك لا شهادة له، فقال علي و ما أنت و هذا، اعتزل عملنا، فعزله، ثم رأى أنه أصاب، فردّه من الغد.
و جلس المأمون يوما للمظالم فدفع إليه رقعة فيها مظلمة من أمير المؤمنين فقال لصاحبها: ما ظلامتك؟قال: ثلاثون ألف دينار. اشترى سعيد وكيلك مني جواهر بها و لم يوف ثمنها لي. فقال: كلامك هذا محتمل يجوز أن يكون و فره و يجوز أن يكون اشتراه لنفسه و يجوز أن يكون أخذ مني الثمن و لم يدفعه إليك، فقال الرجل: أنت أولى [1] الناس بالإنصاف، احملني على سنّة النبي صلى اللّه عليه و سلم البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه و قد عدمت البيّنة [2] ، فقال: نعم، و دعا بيحيى قاضيه فلما دخل قال له: اقض بيننا فقال: لا أفعل. إنك لم تجعل دارك مجلس قضائي فقال: قد جعلت، فأذن للعامة فخرج المأمون و معه غلام يحمل مصلّى فطرحه له فقال يحيى: لا تأخذ على خصمك شرف المجلس فدعا له بمثله فادعى الخصم، فقال يحيى: أ لك بيّنة؟قال: لا فابعد البيّنة. قال يمينه فقال للمأمون: أ تحلف؟قال: نعم فاستحلفه فحلف ثم قال المأمون: أدفع إليه ما ادعاه و اللّه ما حلفت فجرة و لكن خوفا من الرعية لئلا يقدروا أني منعته بالاستطالة.
نهي الحاكم عن قبول الهدية
قال اللّه تعالى: وَ لاََ تَأْكُلُوا أَمْوََالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبََاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهََا إِلَى اَلْحُكََّامِ[3] و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: لعن اللّه الراشي و المرتشي. و تخاصمت امرأة من قريش و رجل إلى عمر و كانت المرأة اهدت إلى عمر فخذ جزور [4] و قالت أفصل القضاء بيننا كما يفصل الجزور، فقضى عمر عليها و قال: إياكم و الهدية.
و قال بعضهم كنت في طريق مكة فإذا أعرابي يختصم إليه الناس فيقضي بينهم بالحق فلما تفرقوا قلت: هل أخذت العلم عن أحد؟قال: لا. قلت: فما هذا الفهم؟قال بوفق اللّه. قلت: أ رأيت لو تحاكم إليك اثنان فأهدى إليك أحدهما أ كنت تقضي له فقال: إذا لا ينزل التوفيق و قد تقدم من ذلك أخبار في باب الولايات.