نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 215
و حفظ طرقها في الأسفار، و منع عدوها عن حريمها، و إعزاز قضاتها، و قال المتنبّي:
إذا طلبت ودائعهم ثقات # دفعن إلى المحاني و الرّعان [1]
فماتت فوقهن بلا صحاب # تصيح بمن يمر: أ لا تراني
وصيّة الكبار بتحرّي الإنصاف
كان كسرى يقيم رجلين عن يمينه و شماله إذا قعد للنظر في أمور الناس. فكان إذا زاغ [2] ، حرّكاه بقضيب كان معهما، و قالا له، و الرعية يسمعون: أيها الملك انتبه أنت مخلوق لا خالق، و عبد لا مولى. ليس بينك و بين اللّه قرابة. أنصف الناس و انظر لنفسك.
و دخل أسقف نجران على مصعب، فكلّمه بشيء أغضبه فرماه بمحجن. فقال الأسقف: إن لم يغضب الأمير، حدّثته بحديث، فقال: حدّث. فقال: في الإنجيل ليس للإمام أن يظلم و به يلتمس العدل، و لا أن يسفّه و منه يطلب الحلم فاعتذر منه و ندم.
مدح العفّة و الأمانة و الحثّ عليهما
قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسََانِ[3] . إن اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. و قال تعالى: فَلْيُؤَدِّ اَلَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمََانَتَهُ[4] و قال: وَ اَللََّهُ لاََ يُحِبُّ كُلَّ كَفََّارٍ أَثِيمٍ[5] .
و قال عليه الصلاة و السلام: لا إيمان لمن لا أمانة له.
و قال أعرابي اللهم إني أعوذ بك من الخيانة فبئست البطانة. و قال بعضهم: إذا لم تكن خائنا فبت آمنا. و قال الجاحظ: سقى اللّه قبر الأحنف، حيث يقول الزم الصحة يلزمك العمل.
و قيل: من أحرز العفاف لم يعدم الكفاف [6] . و قال معاوية رضي اللّه عنه: من ولّيناه أمرا فليلزم الرفيعين: الأمانة و العدل.
منع الوالي عن قبول الهديّة
قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: الهدية تذهب السمع و البصر، و قال: إذا دخلت الهدية من الباب خرجت الأمانة من الكوّة.
و بلغ أنوشروان أن بعض عماله قبل هدية، فأحضره فلمّا دخل عليه، قال: هل قبلت الهدية؟فقال: نعم، فقال: إن قبلتها لتستكفيه شيئا لم تكن تستكفيه لو لاها، إنك لخائن.
و إن قبلتها و لم تكافئه إنك للئيم. و لئن كافأته بسطت لسان رعيتك عليك ذمّا. فمن أتى صنيعا لا يخلو من هذه الثلاثة رغبنا عنه، و عزله. و قال الحجاج لوال: لا تقبل الهدية
[1] المحاني: منعطفات الأدوية-الرعان: جمع رعن و هو أفق الجبل.