نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 216
فصاحب الهدية لا يرضى بعشر أمثالها مع الشنعة، ثم اسلخ ما بين أقفائهم إلى عجب ذنبهم فانهم يرضون عنك.
مدح من لا يتكسّب في ولايته و لا ينفق
اجتمع عند المنصور يزيد بن أسيد و معن بن زائدة و عدة من الأماثل، فقال معن:
و لاني أمير المؤمنين موضع كذا، فحملت إليه كذا و كذا، و أنت ولاك أرمينية [1] فبعثت إليه بمشربة طبخ. فقال يزيد: يا أمير المؤمنين أيما أحب إليك الضنين بأمانته [2] أو الجواد بخيانته؟فقال المنصور: بل الضنين بأمانته. و ولّى مصعب جد الأصمعي الأهواز فعاد و لم يكن له إلا درهمان. فقيل له ذلك، فقال: ما وجدت إلا مسلما له ما لي، و عليه ما عليّ أو ذميا له ذمة واجبة عليّ فلم أدر أين أضع يدي.
و دخل عمير بن سعد على عمر لما رجع إليه من ولاية حمص، و ليس معه إلا جراب و إداوة، و قصعة و عصا، فقال عمر: ما الذي أرى بك من سوء الحال؟فقال:
أ و لست تراني صحيح البدن معي الدنيا بحذافيرها. فقال: و ما معك؟قال: جرابي أحمل فيه زادي و قصعتي أغسل فيها ثوبي و رأسي، و إداوتي فيها ماء سقيتي و وضوئي، و معي عصاى إن لقيت عدوّا دافعته بها و ما بقي فتبع لما معي. قال:
صدقت.
قال بعض الخراسانية:
فعاش خمسين عاما في ولايته # و جاع يوم ثوى في لحده خدمه
و هذا البيت يمكن أن يكون مدحا و أن يكون ذما.
تحريض الوالي على الاكتساب
كتب أبو العيناء [3] إلى صديق له تولّى عملا: أما بعد فإني لا أعظك بموعظة اللّه تعالى، لأنك غنيّ عنها و لا أخوفك إياه لأنك لا تخافه، و لكنّي أقول ما قاله الشاعر:
أ حار بن عمر و قد وليت ولاية # فكن جرذا فيها تخون و تسرق
و باه تميما بالغنى إنّ للغنى # لسانا به المرء الهيوبة ينطق [4]
و اعلم أن الخيانة فطنة، و الأمانة خرفة، و الجمع كيس، و المنع صرامة. فاذكر أيام
[1] أرمينية: موطن الشعب الأرمني و هو من الآريين. و اللغة الأرمنية من اللغات الهند و أوروبيّة.
[3] أبو العيناء: هو محمد بن قاسم الهاشميّ. و هو أحد الأدباء الشّعراء. كانت ولادته في الأهواز في حدود سنة (805 م) ، و مات في البصرة سنة 283 هـ (896 م) . أخذ العلم عن أبي عبيدة و الأصمعيّ.
[4] الهيبوبة: مصدر هابه مهابة و هيبوبة و هيبا و هيبة أي خافه و اتّقاه.
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 216