نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 212
و روي أن عمر رضي اللّه عنه أتي بمال كثير فقال لعماله: إني أظنّكم قد أهلكتم الناس، فقالوا: لا و اللّه ما أخذنا إلا عفوا صفوا بلا وسط. و قال معاوية لمروان: من ترى للعراق؟فقال من لا يمسح الحلوب [1] ، حتى يجمع الدرّة، و لا يدنى بالعلبة حتى يمسح الصرّة.
الحثّ على ترك التتبّع و الرسوم الجائرة
كتب بعض الوزراء إلى عامل: سوق السعادة عندنا كأسدة و ألسنتهم لدينا معقولة و لم نرد هذه الناحية لاحياء العظام الناخرة، و لا لتتبع الرسوم العافية. عامل الناس بما في ديواننا فإنّها أيام قلائل فإما ذكر الأبد أو خزي الأبد. و تجنّب أن تكون، كما قال جرير:
و كنت متى حللت بدار قوم # حللت بخزية و تركت عارا
و قيل: لا ينبغي للوالي أن ينقض سنّة [2] # اجتمعت عليها الألفة و صلحت عليها
العامة.
و أخرج أبو علي بن رستم عاملا إلى بعض النواحي، و كان في القرية حمام كثير فعدّه و أخذ واحدة منها و شقّ حوصلتها و عدّ الحبوب الموجودة فيها و احتسب بذلك. فقال: إن كل حمامة تأكل في السنة من الحنطة كذا. و ألزمهم ذلك فكتب أبو علي إليه كتابا و في آخره هذا الشعر:
عجبت من نفسي و من إشفاقها # و من طرادي الطير عن أرزاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها # و الموت في عنقي و في أعناقها
و الأبيات لرؤبة قالها و قد تولى طراد الطير عن زرع له.
و كتب إلى أنوشروان عامل له بناحية يعلمه جودة الريع [3] بها، و يستأذنه في الزيادة على الرسم. فأمسك عن إجابته. فعاوده العامل في ذلك، فكتب إليه: قد كان في تركي إجابتك عن كلامك ما حسبتك تنزجر به عن تكلّف ما لم تؤمر به. فإذ قد أبيت إلا تماديا في سوء الأدب فاقطع إحدى أذنيك. و اكفف عمّا ليس من شأنك. فقطع العامل إحدى أذنيه ائتمارا له.
حثّ الولاة على مراعاة الديانة
قال أزدشير [4] : الدين و الملك أخوان لا غنى بأحدهما عن الآخر. فالدين أس و الملك حارس، و البناء ما لم يكن له أس مهدوم، و الملك ما لم يكن له حارس فضائع.
حثّ السلطان على اعتبار ظاهر الرعيّة دون بواطنهم
قال بعض الملوك: أنا أملك الأجساد، لا النيّات. و أحكم بالعدل لا بالرضا، و أفحص عن الأعمال لا عن السرائر.