responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 211

يصلح لهم إلا هذا. و لو علموا ما لهم عندي، لأخذوا ثوبي من عاتقي.

السياسة بالرّغبة و الهيبة

كان أنوشروان يوقّع في عهود الولاة: سس خيار الناس بالمحبة، و امزج للعامة الرهبة بالرغبة. و سس‌ [1] السفلة بمجرد الهيبة.

و لما وفد سعد العشيرة في مائة من أولاده على ملك حمير، سأله عن صلاح الملك، فقال: معدلة شائعة و هيبة وازعة [2] ، و رعية طائعة ففي المعدلة حياة الأنام، و في الهيبة نفي الظلام، و في طاعة الرعية حسن الإسلام.

و قال زياد: ما غلبني معاوية في شي‌ء من السياسات، إلا في واحدة. استعملت رجلا على قرية فكسر خراجها و لحق بمعاوية. فكتبت إليه أن ابعثه إليّ، فكتب ليس ينبغي أن نسوس الناس سياسة واحدة. إذا وليت القطاة فحق أن لي الليانة، لكن إذا هرب هارب من باب وجد بابا يدخله و السلام.

و قال أنوشروان إن هذا الأمر لا يصح له إلا لين في غير ضعف و شدة في غير عنف‌ [3] .

و دخل أبو معاذ على المتوكل حين استخلف فأنشده:

إذا كنتم للنّاس أهل سياسة # فسوسوا كرام النّاس بالرفق و البذل

و سوسوا لئام النّاس بالذلّ يصلحوا # على الذلّ، إن الذل يصلح للنّذل‌

السياسة بالملاينة

أوصى عمر بن عبد العزيز واليا، فقال: عليك بتقوى اللّه فانها جماع الدنيا و الآخرة.

و اجعل رعيتك الكبير منهم كالوالد، و الوسط كالأخ، و الصغير كالولد. فبرّ والدك وصل أخاك و تلطّف بولدك.

و قال بعضهم: الحبس يحبس المال و القيد يقيّده، و التسهيل يسهّله. فاستعمل الرفق يرج‌ [4] مالك.

ولّى أمير المؤمنين رجلا فقال: لا تضربنّ أحدا سوطا و لا تتبعنّ له رزقا و لا كسوة لشتاء أو صيف، و لا دابة يعملون عليها. فقال: يا أمير المؤمنين إذا أرجع إليك كما ذهبت.

فقال: و إن رجعت كما ذهبت. إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو.


[1] سس: الأمر من ساس أي أدار الأمور و دبّر شئون النّاس أو الرعيّة.

[2] الوازعة: الرادعة.

[3] استعمل زياد بن أبيه هذه العبارة في خطبته لما ولي البصرة، إذ قال: إن هذا الأمر لا يصلح إلا كما صلح أوّله: لين في غير ضعف و شدّة في غير عنف موحيا بأنه سيكون على سنّة الراشدين حتى يكسب قلوب الضعفاء، فيقوى بهم ليكسر شوكة المتمردين.

[4] يرج: من الرواج و هو نقيض الكساد.

نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست