نام کتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 208
فأحسن سياستهم فولّه الجند، و من كانت له ضيعة فأحسن تدبيرها فولّه الخراج.
قدم جماعة من فارس إلى المهديّ يشكون عاملهم، فقالوا للوزير: وليت علينا رجلا إن كنت قد عرفته و وليته علينا فما خلق اللّه رعية أهون عليك منا، و إن كنت لم تعرفه فما هذا جزاء الملك و قد سلّطك اللّه على سلطانه. فدخل الوزير على المهديّ فأخبره و خرج فقال: إن هذا رجل كان له علينا حق فكافأناه، فقالوا: كان مكتوبا على باب كسرى العمل للكفاءة من العمّال، و قضاء الحقوق على بيت المال، فأمر بعزل ذلك العامل عنهم.
تفضيل الفاجر الكافي على الضّعيف التقيّ
قال عمر رضي اللّه عنه: أعضل [1] بي أهل الكوفة، إذا ولّيت عليهم الفاجر القوي فجّروه، و إذا وليت المؤمن الضعيف هجّنوه. فقال المغيرة المؤمن الضعيف له إيمانه و عليك ضعفه، و الفاجر القويّ لك قوّته و عليه فجوره. قال: صدقت و ولاه الكوفة.
و كان يقول: أبدا أشكو إلى اللّه بلادة الأمين و يقظة الخائن.
و قدم أهل السوس [2] على المنصور يشكون عاملا، فاستحضره و استخفّ به، فقال:
القوم و أشدّ من الخيانة يا أمير المؤمنين. فاستوى جالسا، و قال: ما هو؟قالوا: لم يسجد للّه سجدة قط ظاهرة منذ ولي السوس. فقال: ما أبالي أن لا يصلّي داخلا و خارجا، إذا هو أدّى الأمانة.
تفويض الأمر إلى أهل الذمّة
ورد على عمر رضي اللّه عنه كتاب، فقال لأبي موسى الأشعري: ادع كاتبك يقرأه على الناس، فقال إنه نصراني لا يدخل المسجد. فقال استعملت على أمانة المسلمين نصرانيا، فقال: يا أمير المؤمنين لنا أمانته و له ديانته. فقال: لا تقرّبوهم و قد أبعدهم اللّه و لا تؤمنوهم و قد خوّنهم اللّه.
و شكا رجل عاملا فقال: وضع و اللّه الموحد، و رفع الملحد أوحش المسجد و آنس البيعة.
قيل: فوّض الأمر إلى الكافي، و إن كان خائنا، فالمضيع شر من الخائن. لأن التضييع من طبع الجهل، و لا حيلة في الجهل. و الخيانة معصية و ذنب، و يمكن التوبة منه.